نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "لا يعمر معمر منكم من عمره الا بهدم آخر من أجله".
دلالة الحديث
الحديث او النص المتقدم يجسد صورة استعارية أو رمزية او استدلالية، انها أي الصورة الفنية المشار اليها تتحدث عن الحياة الدنيا وفنائها وترمز الى العمر والاجل من حيث علاقتهما بالمهمة العبادية التي خلق الله تعالى الانسان من اجل ممارستها، بمعنى انها تجعلك متداعياً بذهنك الى ان العمر يفنى وان المطلوب هو: ان نتعظ بالموت فنعدل سلوكنا، بيد ان هذه الدلالة نستخلصها من طبيعة الصورة الفنية مما يجدر بنا الان ان نحللها، فماذا نلاحظ؟.
الصورة المتقدمة فضلاً عن كونها تعبيراً معدولاً أو انزياحياً أو مجازيا: تتوكأ على عنصر (التقابل) او التضاد ايضاً، وهذا ما يهبها مزيداً من القيمة الفنية. اما الصياغة التصويرية فتتمثل في عمليتي البناء والهدم، فالبناء هو: سنوات العمر والهدم هو: الاجل المحتوم (او الموت، وقد رسم الامام عليه السلام هذه الظاهرة من خلال جعل العمر طويلاً كان أو قصيراً، مع ملاحظة ان طول العمر هو الاكثر دلالة، لان المعمر هو: من طال عمره، ولكن مع ملاحظة التفاوت او النسبية في الاعمار فان الطول والقصر يحملان دلالة واحدة حيث لا فرق مثلاً بين من يبلغ التسعين او الستين أو الخمسين او حتى الاربعين، حيث تبدأ الكهولة مع الاربعين، وتمتد الى الخامسة والستين ليطلق عليها (الشيخوخة) وتمتد الى الثمانين فصاعداً ليطلق عليها (الهرم)، اذن: في الحالات جميعاً يظل العمر بمثابة رمز حيوي ونسبي يشير الى ان عبارة (لايعمر معمر) تعني : انك بقدر ما تطوي من مراحل العمر، تكون قد اقتربت من أجلك، اي: ان الزيادة في سنوات العمر تقابلها: النهاية المقتربة من الموت.
وأما عنصر التقابل بين (طول العمر) وبين (الهرم) فيتمثل في تداعي الذهن الى نكتة في غاية طرافتها، وهي: ان البناء يتقابل مع الهرم ولكن في غفلة من الباني، بمعنى ان من يبني (انما ليعمر)، بينما الحقيقة عكس ذلك وهي: ان من يعمر يقترب من الموت.
يبقى ان نشير الى نكتة اخرى هي: ان النص قد انتخب عبارة (ألاجل) بدلاً من الموت فما هو السبب؟ الجواب: الاجل هو نهاية العمر اما الموت فهو: بداية مرحلة جديدة: كما هو واضح، من هنا جاء التقابل بين سنوات العمر وبين نهايتها حتى يتناسق المعنى في دلالته الذاهبة الى ان العمر ينتهي وان المطلوب هو: صناعة الزاد.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.