نص الحديث
قال الامام علي عليه السلام: "اللسان: جموح بصاحبه".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة بلاغية هي: التمثيل او التجسيم أي: ثمة طرفان كطرفي الصورة التشبيهية بحيث يجسد احد الطرفين دلالة الاخر، وهذا ما نلحظه في الصورة المتقدمة انها تتحدث عن (اللسان) وآاته والنتائج المترتبة عليه وتجعله طرفاً يضطلع بسلوك طرف اخر هو: الفرس الجموح الذي يتمرد على راكبه ويسرع الى ما لا سيطرة عليه من قبل راكبه، والمهم الان هو: ملاحظة الصورة الفنية التي نستطيع ان نقارنها بالتشبيه بحيث نفترض الذهاب الى ان (اللسان) هو كالفرس الجموح وبهذا يمكننا ان نتحدث بوضوح عن الصورة الفنية المذكورة، وهذا ما نبدأ به الان.
من البين ان راكب الفرس عندما يستخدم فرسه فانه يهدف بذلك الى ان يصل الى هدفه المتمثل فى هذا المكان او ذاك او يستخدمه في معاركه ضد العدو..الخ، وهذا الموضوع لايتحقق الا في حالة كون الفرس طيعاً يوجهه راكبه حيث يشاء، واما في حالة كونه عاصياً او جموحاً فان الضرر وليس الاستفادة هو المترتب على ذلك حيث يمكن لجموحه ان يلقي بصاحبه من ظهره الى الارض فضلاً عن اقتياده لما لا يرضاه الراكب، واذا كان الامر كذلك، حينئذ نتجه الى حديث الامام عليه السلام لنلاحظ مدى التماثل بين فرس جامح وبين لسان الانسان.
لقد شبه الامام عليه السلام لسان الانسان بالفرس الجامح، ترى: ما هي اوجه الشبه وما دلالتها؟ الدلالة التي يستهدفها الامام عليه السلام هي: ان اللسان: بصفته اداة كلامية من الممكن ان يسبب للمتكلم وقوعه في الذنوب الكبيرة ومن ثم يقتاده الى النار، وسخط الله تعالى، وبوسع قارئ النص ان يسمح لخياله بالتحرك لملاحظة موارد الهلاك المترتب على اللسان وهذا مثل: الكذب، الغيبة، البهتان، العدوان اللفظي: كالشتم وكالاهانة..الخ، ان الكلمة قد تصدر من اللسان وتتسبب في قتل النفس وتتسبب في اذكاء الحقد والعداوة وتتسبب في اضلال الاخرين وهكذا، من هنا فان خزن اللسان يظل هو المطلوب في الموارد المقترنة بامكانية الزلل (في اللسان) والا فان السياقات الاخرى تظل على العكس حيث ان الكلمة الصادقة والمبلغة واللينة..الخ، هي: المسببة على عكس الكلمة الخبيثة لاصلاح الافراد والمجتمعات، كما هو واضح.
اذن: امكننا ان نتبين الابعاد الدلالية للسان في حالة عدم توظيفه للخير حيث يتحول بصاحبه الى الوقوع في المهالك دنيوياً واخروياً.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.