نص الحديث
قال الامام الصادق عليه السلام: "بئس الغريم: النوم، يفني قصير العم، ويفوت كثيرالاجر".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم: صورة تمثيلية او رمزية، تخلع على النوم طابعاً هو الغريم اي الدائن او الخصم، حيث تجعل النوم دائناً او خصماً يلحق الضرر بالمديون او مطلق الشخصية، والسؤال الآن هو: ما هي النكات الدلالية والجمالية في الحديث؟ هذا ما نحاول توضيحه، او القاء الانارة عليه.
من حيث الدلالة يظل النوم في لسان النصوص الاسلامية ظاهرة ذات طابعين: الايجاب والسلب، اما الايجاب فلأنه حاجة عضوية لامناص من اشباعها حيث تتوقف الحياة او العمر على وجوده، كالاكل والشرب وسائر الحاجات العضوية التي لامناص من اشباعها قبالة الحاجات العضوية التي يمكن تأجيل الاشباع فيها أو تأجيله مع الصراع أو تأجيله اساساً، المهم: مادام النوم حاجة غريزية لامناص من اشباعها حينئذ يتسم اشباعها بسمة واجبة ايجابية، ولكنها تتحول الى حاجة غير مشروعة عندما ينام الانسان اكثر من الحاجة، اي الزائد عليها، ولذلك وسمها الامام (ع) بانها تضييع لعمر الانسان، وتفويت للثواب: مادام النوم حاجزاً عن الاستمتاع بالعمر، وحاجزاً عن الاستمتاع بالثواب الاخروي، من هنا ايضاً: ندرك سر الصياغة البلاغية لهذا الموضوع حينما خلع الامام (ع) طابع الدين او العدو على النوم، كيف ذلك؟ هذا مانحاول توضيحه.
بلاغة الحديث
ان الدائن غالباً مايقترن وجوده بالغرم، لانه يتسلم من المديون ما ينتفع به، فهو: الرابح والمديون خاسر والامر كذلك بالنسبة الى العدو فهو: الساعي الى الحاق الضرر بالشخصية، والان الى السر الفني وراء الصورة القائلة (بئس الغريم: النوم الخ…) اما انه بئس الغريم فلأن الغريم قد يتساهل مع المديون، وكذلك فان العدو او الخصم من الممكن ان يتساهل حيناً ولكن النوم ليس كذلك اذا كان زائد عن الحاجة حينئذ يكون طابعه سلبياً لانه يتسبب في قصر العمر، لان فوات اليقظة يتحقق من خلال النوم، كذلك يتسبب في الخسران من الثواب لان اليقظة هي مجال العمل للاخرة وليس النوم الزائد عن الحاجة.
اتضح تماماً جمال العبارة بلاغياً، حينما جعلت النوم الزائد عن الحاجة بئس الغريم، بسبب تضييعه للعمر وبسبب تفويته للثواب.
ثمة سمة بلاغية لغوية هي: ان الحديث لم يذكر لفظياً (النوم الزائد عن الحاجة) بل ترك لقارئ الحديث ان يستخلص دلالة (غائبة) يكتشفها القارئ وهو احد مبادئ البلاغة، كما هو واضح.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.