والمرأة التي تمتلك هذه الصفات يسعى الرجال للزواج منها لكنها رفضت كل الخاطبين لها، ثم تقدمت إلى النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليخطبها. فكلمت هالة أخت خديجة عمار بن ياسر، الذي أخبر بدوره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) بخطبة خديجة له.
فذهب أبو طالب خاطبا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى عمها عمرو بن أسد أثر مقتل أبيها في حرب الفجار.
وكانت خديجة قد ردت الخاطبين القرشيين وغيرهم لها، وعلى رأسهم أبو سفيان، وأبو جهل، وعقبة بن أبي معيط.
فتمت الموافقة، وحصل الزواج بينهما. فحسدت نساء قريش خديجة لزواجها بأفضل وأكمل وأشرف الناس محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
وحسد الطغاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لزواجه بسيدة نساء قريش المسماة بالطاهرة المرأة الشريفة الغنية العفيفة.
ومن المفيد جدا ذكر خطبة الزواج التي قالها أبو طالب لمعرفة إيمان بني هاشم بالتوحيد والنبوة قبل البعثة وجاء فيها: " الحمد لرب هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه. ثم إن ابن أخي هذا - يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه، ولا عدل له في الخلق، وإن كان مقلا في المال، فإن المال رفد جار، وظل زائل، وله في خديجة رغبة. وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله. وله - ورب هذا البيت - حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل. وهي تدل على سمو مرتبة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على خديجة من الناحية الشخصية، والقبلية، والنسبية، والدينية. ولم يكن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقيرا في وقتها لأنه عاد من سفرته التجارية من الشام رابحا، ومما يؤكد ذلك ما جاء في رواية أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمهرها عشرين بكرة.