نص الحديث
قال الامام الصادق عليه السلام: "العلم المصون كالسراج المطبق عليه ".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد صورة تشبيهية، حيث يشبّه العلم المحفوظ في الصدر أو غير المنشور أو غير المقروء بالسراج الذي يوضع عليه حاجز عن الانارة. وهذا ما رسمه الامام الصادق عليه السلام تعبيراً عن عدم نشر العلم وما يترتب عليه من الاثر. إذن لنتحدث عن هذه الصورة التشبيهية.
بلاغة الحديث
من الحقائق المعروفة في ميدان البلاغة هي: أن ينتخب البليغ العبارة او الفقرة المتسمّة بالوضوح، وفي نفس الوقت المتسّمة بالعمق، والا ما فائدة ان يقدم الكاتب مثلاً مقالاً غامضاً يتعذر على القارئ ادراكه، او يقدمه واضحاً لكنه لا عمق ولا طرافة فيه، لذلك فان الكلام البليغ هو: ما جمع بين الوضوح والعمق إلا في حالات خاصة يتطلب الموقف الغامض غرضاً تعبيرياً ولكنه غرض شفاف، اي يستطيع القارئ بجهد قليل ان يحل العقدة التعبيرية. على اية حال: عندما نتجه الى مقولة الامام الصادق عليه السلام نجد، ان الحديث المتقدم قد اتسّم بوضوح سافر حيث يخبره أبسط الناس ثقافة وهو: ان العلم غير المنشور مثل السراج: عليه غطاء ساتر. والمطلوب الآن القاء المزيد من الاضاءة لهذا الموضوع.
في تصورنا ان هذا التشبيه له واقعية كبيرة، وله طرافته ايضاً، اما من حيث واقعيته فاننا نجد ان (السراج) هو: الاداة المميزة للظلام، وان العلم طالما شبهه الكتاب بانه نور لذلك فان الامام (ع) عندما يختار (السراج) ويجعله مطبقاً عليه اي: بوجود الحاجز عليه بحيث يمنع اشعة النور من الانتشار، نقول: حينما ينتخب الامام (ع) مثل هذه الصورة انما يعبّر عن الحقيقة المؤلمة المترتبة على من يملك علماً ولكن لا ينشره، ولذلك ورد عن المعصومين عليهم السلام "ان زكاة العلم تعليمه"، كما ورد التلويح بالعقاب لمن كتم العلم ولم ينشره. والمهم الان هو: ان تشبيه الامام عليه السلام: وجود العلم في الصدر، اي عدم نشره، كالمصباح المطبق عليه، يظل متسماً بالطرافة الفنية فضلاً عن عمق النظر في هذه الظاهرة، وهو امر يقتاد رجل العلم الى ان يحرص على نشر العلم وتوصيل مبادئ الله تعالى الى الاخرين، والا مع كتمان العلم: كيف نستطيع ايصال مبادئ الاسلام الى الآخرين؟.
ختاماً: نسأله تعالى ان يجعلنا ممن ينشر العلم، وممن يمارس الطاعة، انه سميع مجيب.