نص الحديث
قال الامام علي (عليه السَّلام): "لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته".
دلالة الحديث
هذا الحديث لعله من النصوص الحافلة بما هو مثير من الدلالة وتفريعاتها، انه يجسد صورة استعارية متمثلة في خلعه طابع (البقر) وهو شق الشيء من وسطه ومنه: شق البطن عن الولد، لقد خلع الامام (عليه السَّلام) طابع (البقر) على (الباطل) وهو: ظاهرة معنوية، اي الباطل، وبذلك اكسب الدلالة التي يستهدفها طابعا خاصا سنوضحه بعد قليل اما (الخاصرة) فهي: منتصف الجسم.
والسؤال الآن: ما هي النكتة الفنية من وراء استخدام (البقر) اي: شق الشيء من وسطه او شق البطن عن الولد؟ هذا ما سنبدأ بتوضيحه الآن.
بلاغة الحديث
من الزاوية البلاغية او الفنية يمكننا ان نستخلص اكثر من دلالة في تأويلنا لهذا النص مع ملاحظة ان ترشح النص بأكثر من دلالة واحدة يظل واحداً من المبادئ الفنية التي تسم النصوص.
والآن الى الاستخلاص الاول، حيث يمكننا الذهاب الى ان الامام (عليه السَّلام) هو في سياق إلتزاماته المتسمة بالصرامة دون ان تأخذه في الله لومة لائم طالما يشير بوضوح الى انه مع الحق مع ملاحظة ان النص الوارد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بان علياً مع الحق والحق مع علي (عليه السَّلام) يظل تعبيراً عن الحقيقة المتقدمة.
من هنا فإن الامام (عليه السَّلام) حينما يتحمس للحق ولإزاحة الباطل، يلجأ الى اسلوب فني هو: ظاهرة (البقر) اي: شق الشيء من وسطه.
والآن اذا عرفنا ان الامام (عليه السَّلام) يستهدف الاشارة الى انه سيقضي على الباطل تماماً نجد ان شق الشيء من وسطه يعني: شطره الى قسمين، وبذلك تتفتت وحدة الشيء وهو الباطل، فاذا شقه نصفين حينئذ سيظهر المقابل له وهو الحق ولكن كيف استخدم الامام (عليه السَّلام) اداة الفن لإظهار الحق؟
هذا ما سنوضحه الآن.
لقد استخدم الامام (عليه السَّلام)استعارة (الخاصرة) لإظهار الحق فالخاصرة هي منتصف الجسم الذي يفصل بين جزئيه الاعلى والاسفل وبما ان الهدف من شق الشيء او شق البطن هو اخراج ما هو في الخفاء او البطن او الاحشاء او أي شيء آخر يمكن استخراجه، ومنه الولد المستخرج من البطن، حيث يشكل ولادة جديدة متمثلة في ولادة (الحق) من خلال (بقر) البطن.
اذن: اتضحت لنا جمالية الصورة الاستعارية ماتضمنته من دلالات متفرعة، هي كيفية القضاء على الباطل وكيفية الاظهار للحق، بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الحق ونبذ الباطل وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.