نص الحديث
قال الامام علي (عليه السَّلام): "ادفعوا امواج البلاء بالدعاء".
دلالة الحديث
هذا النص يتضمن صياغة استعارية هي: اضفاء طابع الامواج على ظاهرة الشدائد او البلاء حيث يأمر الامام (عليه السَّلام) قارئ النص بان يمارس الدعاء من حيث مساهمته في دفع الشدائد... والمطلوب هو ملاحظة الاستعارة المتمثلة في عبارة (امواج البلاء)،... ما دفع ذلك بالدعاء فان الدعاء لا نحتاج الى توضيح فاعليته، ويكفي ان يقرر الله تعالى بان يدعوه الانسان ويستجيب دعاءه تبعاً لقوله تعالى ( ادعوني: استجب لكم ) وسنعرض لأهمية الدعاء ايضاً خلال ملاحظتنا للصورة البلاغية المذكورة اي (امواج البلاء)... فماذا نستلهم؟
البلاء هو الشدة التي تصيب الانسان وهي تقترن مع حياة الانسان مادامت التجربة العبادية تتطلب وجوه الشدة ليمتحن الله عبده... والمهم: ان الشدة قد تتمثل في مرض عضال او فقر مدقع أو اضطراب امني... الخ، والنص المتقدم يقرر بأن الدعاء يدفع الشدة المذكورة إلا ان النص استخدم عبارة الامواج دون سواها... فما هو السر الكامن وراء ذلك؟
بلاغة الحديث
في تصورنا ان الامواج تتميز بكونها خارجة عن سطح الماء الطبيعي وتتميز بتلاطمها ثانية وتتميز بعدم اتساقها اي: تتميز بظاهرة اضطراب الحركة فيها... هذه الطوابع الثلاثة للامواج تفسر لنا جانباً من اسرار الاستعارة الذاهبة الى التعبير عن شدة البلاء أو ضخامة الشدة بالامواج... كيف ذلك؟
مما لا ترديد فيه ان الشدة او البلاء يتسم بكونه حالة غير طبيعية فالأصل في الانسان هو الصحة فاذا مرض فهذا استثناء او حالة غير طبيعية كما ان المرض يختلف في درجاته حيث من الممكن ان يتسم بما هو خفيف الوطأة يتسم بوسطيتها أو بدرجته العالية... من هنا نجد ان الامام (عليه السَّلام) خلع طابع الامواج على ( البلاء) بحيث يشمل كل احاطة بخاصة الدرجة العالية منه... والسبب هو انتخاب الامواج فهي _جمع للموج_ ومجرد جمعها يعني: تراكم البلاء.
ثانياً: قلنا ان الموج يتلاطم وبالفعل ان البلاء اذا اضيف الى بلاءات اخرى: يصبح متلاطماً كالموج.
ثالثاً: ان عملية التلاطم للامواج اي: تراكم البلاءات تجعل الشخصية مضطربة كالامواج ايضاً، حيث يعني الاضطراب عدم وجود توازن او حالة طبيعية، وهكذا بالنسبة الى البلاء وطغيانه. تنوعه وتسببه الاضطراب لدى الشخصية.
النكتة الجديدة في الاستعارة المتقدمة هي: انتخاب ظاهرة الدعاء واسهامه في دفع البلاء، حيث ان الاهوال المقترنة بالبلاء من حيث تراكمه وتلاطمه وشدته قد انتخب الله تعالى مادة ذات فاعلية كبيرة في دفع الخطر ألا وهو الدعاء.....لا نحتاج الى كبير تأمل حتى نفهم بأن الله تعالى هو: من نتجه اليه بالدعاء وهو القادر على كل شيء وهو الرحيم بعباده وهذا هو تفسير لفاعلية الدعاء وصياغة دلالته بلاغياً.
اخيراً: نسأله تعالى ان يدفع عنا البلاء في الدنيا والاخرة وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.