نص الحديث

قال الامام عليّ عليه السلام: "الادب: خير ميراث"

دلالة الحديث

النص المتقدم يجسّد صورة بلاغية نطلق عليها مصطلح "التمثيل" او "التعريف" او "التجسيد" ، ونعني به: تحديد الظاهرة "وهي الطرف الاول من الصورة" بتعريف يعتمد التخيل، وهو ما لاحظناه في عبارة "الادب: خير ميراث" حيث عرّف الادب بانه ميراث والميراث عنصر تخيلي او مجازي حيث ان الميراث ظاهرة مادية او اقتصادية او حتى ظاهرة نفسية: كما لو ورث الولد سمة نفسية على سبيل المثال...
المهم: ان عبارة "الادب: خير ميراث" تعني:
ان تهذيب الاخلاق وتشذبيها ولطافتها هي خير ما يؤثر على الانسان من الصفات...
والسؤال هو: ما هي النكتة البلاغية للعبارة المتقدمة: فيما لا ترديد فيه ان تهذيب الاخلاق هو خيز ما تحلم به المجتمعات بالنسبة الى تعديل سلوكها، ولكن السؤال هو عن النكتة البلاغية في الموضوع... وهذا ما نبدأ بتوضيحه...
الميزان (كما اشرنا) اما ان يكون مادياً: عضوياً، او اقتصادياً:
كالوراثة الجسمية والمالية، واما ان يكون نفسياً: كوراثة السمات الايجابية،.... وبغض النظر عن نمط الميراث فان عبارة "الادب: خير ميراث" تنسحب على مطلق التأويلات، سواءا كان ذلك في نطاق التأويل العضوي او الاقتصادي أو النفسي، حيث ان المهم هو مصطلح (الميراث) وهو ما يرثه الانسان من السلف له،... وبما ان السلوك بعامة امّا ان يكون نتيجة لتربية بيئية أو وراثية، فان ما هو وراثي أيسر على المربي دون ادنى شك لانه لا يكلفه عناء التربية للشخص بل يتسلم الشخص وهو سوي وراثياً.
من هنا انتخب الامام عليّ (ع) عنصر (الوراثة) وليس (البيئة) ليدلّل لنا بان خير ما يرث الانسان هو: الأدب اي تهذيب النفس، بمعنى ان ما يؤثر على الانسان متنوع دون ادنى شك، فقد يرث جمال الشكل، وقد يرث المال، وقد يرث بعض السمات الايجابية كالشجاعة مثلاً، ولكن (الأدب) وهو تهذيب النفس اهم من المواريث المشار إليها، سواءً كانت نفسية: كالشجاعة، او كانت عضوية كالجمال الجسدي، أو اقتصادية كالأموال..

بلاغة الحديث

اذن: عبارة "الادب: خير ميراث" تنطوي على جملة نكات بلاغية اوضحناها،... سائلين الله تعالى ان يجعلنا ممن يتسم بهذه السمة، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.