نص الحديث
قال الإمام الحسن عليه السلام: "مارأيت ظالماً اشبه بمظلوم من حاسد"
دلالة الحديث
الحديث المتقدم وثيقة عيادية، اي: تحمل مبادئ الصحة النفسية او الضد: في حالة التشخيص ...ومن البين ان الظلم يعني: الحاق الاذى بطرف ما، كل ما في الامر ان الظلم قد يكون موجهاً الى الاخر، وقد يكون موجها الى الشخص نفسه، ... طبيعيا، : لا يتوقع الملاحظ ان تلحق الشخصية اذى لنفسها لان ذلك يتنافى مع طبيعة التركيبة القائمة على البحث عن اللذة والهروب من الالم الا ان الانسان بسبب جهله بطرائق الاشباع لحاجاته يخطئ الانتخاب لما هو في صالحه: كالطالب الذي يتكاسل عن حفظ دروسه ايثاراً للراحة دون ان يعي بأن عدم الحفظ يؤدي الى رسوبه، ومن ثم فان الرسوب يؤدي الى الحاق الضرر بنفسه ... المهم: يعنينا ان نلاحظ مقولة الإمام الحسن (ع) بالنسبة الى الحاسد من حيث كونه يلحق الاذى بنفسه من دون ان يشعر بذلك ... كيف ذلك؟
بلاغة الحديث
ان الحاسد يتمنى زوال النعمة عن الاخرين، ولا يستطيع ان يتحمل رؤية الآخر وهو يحتل منصباً علمياً او اقتصادياً او اجتماعياً أو ...الخ وحينئذ يظل نافثاً من اعماقه أمواج الالم والقلق والتوتر الى درجة انه يصل الى التفكير باستخدام اية وسيلة تفضي الى زوال النعمة من الآخر ... ويعنينا الآن: التشبيه الذي قدمه الإمام الحسن (ع)، وصلته بما لاحظناه ... الإمام الحسن (ع) يقرر بان الحاسد يشبه الظالم في سلوكه، مع انه في الحقيقة مظلوم،... كيف ذلك؟ ان الحاسد غارق في القعر في همه وغمه وتوتره وقلقه واضطرابه،... انه يفكر في كيفية الزوال للنعمة وهي لم تزل، وحينئذ يتضاعف عذابه: بحثاً عن الاشباع الذي يريده لنفسه ولكنه يصاب بالاحباط بل يصاب بالاحباط المضاعف نظراً لتكرر المواقف التي ينظر فيها الى المحسود واستمرارية ومداومة نفس العملية الداخلية التي تتمثل في الالم والتوتر والاضطراب والحقد الذي يولده الحسد: كما هو واضح ... من هنا، كان الحاسد مظلوماً لانه يتعرض للاذى كل ما في الامر ان الاذى الذي يتعرض له، صادر من نفسه وليس من الاخر، ولذلك فهو مشابه للمظلوم مع انه هو الظالم، بصفة ان الحسد سلوك منهي عنه في الشريعة الاسلامية. ختاماً: نسأله تعالى ان يقينا من الحسد وسواه، وان يوفقنا الى الطاعة، انه سميع مجيب.