نص الحديث

قال الإمام علي عليه السلام: "من مشى على وجه الأرض، فانه يصير الى بطنها" 

دلالة الحديث

الحديث المتقدم استعارة او رمز يحمل من الطرافة والعمق والموعظة مالا يتصوره الملاحظ ... انه يتحدث عن (الموت) ولكن ماهو اسلوب الحديث حيال ذلك ؟... لقد ارتكن (ع) الى ظاهرة بشرية لاينفك عنها هي: المشي على الارض، ولانحسب ان احداً من البشر يتخذ من غير الارض مهاداً ، الخ: حركة وسكوناً ، الخ ... والاهم من ذلك ان هذه (الارض) قد اتخذها الإمام (ع) قناعاً فنياً نقل دلالتها المذكورة الى دلالة بلاغية في قمة الاثارة والطرافة على نحو ما سنحدثك عنه الأن ...

بلاغة الحديث

من الزاوية البلاغية، نحن ندرك جميعاً، بأن الارض منها قد خلقنا واليها نعود ... هذا من جانب ... من جانب آخر تفهم ان الارض مرة هي دار حركة، واخرى هي دار سكون ... اما الحركة فهي: عمر الانسان واما السكون فهو موت الانسان ... من جانب ثالث فان الحياة والموت ليسا مجرد ظاهرتين، بل هما: على صلة تامة بممارسة الانسان لوظيفته العبادية، فالحياة هي: تجربة العمل العبادي، ثم فان التجربة تنتهي بانتهاء الحياة، ولكنها تبقى في الارض ايضاً، كل مافي الامر ان الحياة هي في ظهر الارض، والموت هو في بطنها،... من هنا تتوهج دلالة حديث الإمام (ع)، من بأن من مشى على وجه الارض فانه يصير الى بطنها ... ان النكتة هي: اولاً: المشي، ثم الظهر: ظهر الارض، لان ظهر الارض يتماثل مع ظهر الدابة التي تركب، ولابد من الوصول بعد الركوب الى مكان ما ... فما هو هذا المكان ...؟ انه: بطن الارض ... ولكن ماهو رمز هذه البطن؟ ... انه: الموت، وهكذا يذكرنا الإمام (ع) بالموت من خلال هذه الصورة البلاغية الطريفة ..انه يذكرنا بضرورة ان نذكر (الموت) لاننا سائرون من خلال الظهر المركوب الى البطن.. وهذه التذكرة هي تذكرة بضرورة ألا نتهاون في ممارسة الوظيفة التي خلق الله تعالى الحياة من اجلها ألا وهي: خلافة الانسان ... اذن: قارئ الحديث سوف يستلهم سريعاً جملة دلالات من الصورة المذكورة، انها دلالات وجودنا على الارض، وظيفتنا مصائرنا المؤقتة (الموت) مصائرنا الخالدة (اليوم الآخر: رضاه تعالى والجنة انشاء الله. "اللهم وفقنا للمشي على الارض بنجاح ، حتى نصل الى الهدف المطلوب سائلين الله تعالى ان يوفقنا لممارسة الوظيفة العبادية، انه سميع مجيب" .