نص الحديث
قال الامام المهدي (عليه السَّلام) في تعريفه بالمعصومين (عليه السَّلام): انهم مصابيح الدجي، واعلام الهدي، ومنار التقي، والعروة الوثقي، والحبل المتين، والصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.
دلالة الحديث
النص المتقدم يتضمن عدداً من العبارات الاستعارية، أي الصورة الاستعارية التي تعني خلع طابع ما علي ظاهرة من غيرها، كخلع طابع المصباح علي أهل البيت (عليه السَّلام)، ويمكننا ايضاً ان نعد هذه العبارات (رمزاً) اي الصورة الرمزية التي تعني ان هذه العبارة اشارة الي دلالة غائبة كأشارة أو رمز المصباح الي دلالة هي اهل البيت (عليه السَّلام) وفي الحالتين نحن الآن امام نص دلالي وجمالي اي يتضمن دلالة خاصة بأهل البيت (عليه السَّلام)، ويتضمن صياغة بلاغية في تعميق هذه الدلالة. اذن لنتحدث اولاً عن الدلالة، فماذا نجد؟
من البين أن اهل البيت (عليه السَّلام) هم الصفوة البشرية التي انتخبها الله تعالي ان محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة (عليها السَّلام)، ثم الائمة (عليه السَّلام) يجَسِّدون جميعاً، مصدراً عبادياً او ثقافياً او عقائدياً يتعين علي الملتزمين بمبادئ الله تعالي ان ينهلوا من معارفهم، ان الله تعالي أمرنا بان نطيعه ورسوله واولي الامر، وهم اهل البيت (عليه السَّلام).
والمهم هو ان الامام المهدي (عليه السَّلام) وهو احد اهل البيت والامام الثاني عشر، يقدم لنا في النص المذكور تعريفاً بموقع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاءه الذين نص عليهم، وهو نص - اي - نص الامام المهدي يتضمن - كما أشرنا - صياغة بلاغية وليس مجرد تعريف مباشر لذلك، يجدر بنا ان نحدثك عن بلاغة النص المتقدم.
بلاغة الحديث
العبارة الاولي التي يصوغها الإمام المهدي (عليه السَّلام) عن المعصومين (عليهم السَّلام) هي (مصابيح الدجي) وقبل ان نحدثك عن هذه العبارة نلفت نظرك الي انها واحدة من سبع عبارات، مطبوعة بصياغة واحدة، هي الرموز او الاستعارات المتمثلة في المصابيح، والاعلام، والمنار، والعروة، والحبل، والصِّرَاطَ وهذا النمط من الصياغة الاستمرارية لسلسلة عبارات تخضع لصياغة موحدة، يجسد وحده مهارة بلاغية فائقة. والآن الي العبارة الاولي، هي (مصابيح الدجي)، فماذا نستلهم منها؟
المصابيح من حيث اللغة ومن حيث دلالتها من الوضوح بمكان كبير، ولا تحتاج الي توضيح، كما ان (الدجي) في عبارة (مصابيح الدجي) لا تحتاج الي توضيح، إلا ان الاهمية البلاغية تكمن في صدق السمة التي خلعها الامام المهدي (عليه السَّلام) علي المعصومين، فالمصباح - من جانب - هو اداة انارة، وهو جميل من جانب آخر ثم تعدده في صيغة مصابيح لها جمالية ايضاً فانك اذا قدر لك ان تشاهد في الليل المظلم مجموعة مصابيح زاهرة، لا تنتهي فحسب بالاضاءة التي انارت لك الطريق وكشفت الظلام، بل بما تشاهد من مرأي المصابيح المتناثرة (وهي 14 مصباحاً) كل واحد منها الي جانب الآخر، وتجسد كتلاً ضوئية، عندئذ تنبهر بنحو ملحوظ حيال المرأي المتقدم دون ادني شك، وهذا هو هدف البلاغة في تعميقها وتجليتها للدلالة.
اذن امكننا ان نتبين دلالة بلاغة عبارة (مصابيح الدجي) سائلين الله تعالي ان يجعلنا من المتمسكين بالمعصومين (عليهم السَّلام)، وان يوفقنا الي الطاعة انه سميع مجيب.