نص الحديث
قال الامام المهدي عبر تعريفه بأهل البيت (عليهم السَّلام): انهم "الْعُرْوَةِ الْوُثْقَي والحبل المتين" .
دلالة الحديث
هذا النص مقتطع من نص مطول للامام المهدي (عليه السَّلام) ويتضمن عبارتين استعاريتين هما ان اهل البيت (عليهم السَّلام) ـ الْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ ـ والحبل المتين.
أن هاتين العبارتين متجانستان ومتشابهتان: كما هو واضح، فالعروة هي ما يوثق به الحبل ونحوه أو المقبض للابريق ونحوه، وفي الحالتين هي ما يتمسك به، واما الحبل فبدوره هو ما يتمسك به من حيث نسيجه المتين الذي لا يفل. والسؤال هو: ما هي الدلالات التي يستطيع القارئ لهذا النص ان يستخلصها من تينك الاستعارتين؟
ان الدلالة المشتركة للعروة وللحبل هي: ما يتمسك به فسواء اكان المقبض من الأناء هو المتمسك به أو كان الحبل ففي الحالتين ثمة اشارة نستخلصها من الرمزين (العُرْوَةِ) و (الحَبْلِ) ، حيث وصف النص اولهما بأنه (وثيق) والاخر بانه متين، فما هو الفارق بينهما؟
هذا ما تجسده بلاغة النص، فإلي التفسير الفني للنص المذكور.
بلاغة الحديث
الوثيق هو الشيء المحكم، واما المتين فهو الشيء الصلب الشديد، وهذا يعني: ان الامام (عليه السَّلام) يوضح لنا بان المعصومين الاثني عشر (عليهم السَّلام) هم الجهة التي من يتمسك بها يربح آخرته ودنياه، ولانحتاج الي التذكير بأن الله تعالي اشار الي ضرورة اطاعة اولي الامر، كما ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طالما أشار الي التمسك بكتاب الله تعالي وبالعترة الطاهرة واولئك جميعاً، تعني ان اهل البيت (عليهم السَّلام) هم المصدر لأخذ الاحكام منهم، هذا هو الدلالة المشتركة العامة، ولكن ماذا عن بلاغة هذه الدلالة؟
ان بلاغة النص المتقدم تتجسد في الرمزين اللذين حدثناك عنهما، اي: "الْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ والحبل المتين" اما العروة الوثقي فهو تعبير ينتسب الي ما يسميه النقد المعاصر (التناص) وما يسميه القدامي بالتضمين والاقتباس، حيث ان الآية القرآنية الكريمة (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ) هي المصدر للتناص المذكور، واما الحبل المتين، فإن بلاغته تتمثل في الرمز الذي تشير العبارة اليه، وهو متانة الحبل، فالحبل المفتول بقوة يظل محكماً وصلباً لا مجال الى تفكيكه او تراخيه... وهكذا اهل البيت (عليهم السَّلام) انهم مصدر الثقافة الاسلامية ومبادئ الطاعة، حيث ان الله تعالى اوصل الي نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) تلكم المبادئ، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) اوصلها الى المعصومين: كما هو واضح.
اذن: امكننا ان نتبين صلة هاتين الاستعارتين او الرمزين بوثاقة المصدر عند اهل البيت (عليهم السَّلام)، اي: المصدر الذي نستخدم فيه ما أمر الله تعالي، سائلين الله تعالي ان يوفقنا الي التمسك بهم، والي ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب.