نص الحديث
قال الامام الرضا (عليه السَّلام): الأجل آفة الأمل.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول (الأمل) بصفته سلوكاً نفسياً تنسجه الشخصية لنفسها من حيث كونه اشباعاً وهمياً لحاجات الانسان، سواء اكان هذا الإشباع الوهمي يبقي بالفعل وهماً أو يتحقق الي حد ما، فمثلاً: امل الشخصية بأن تحيا عمراً طويلاً يظل وهماً لأن العمر محدود بطبيعته حتي ان الموت ليأتي بغتة فيتلاشي الأمل وقد تسأل عن ضرر الأمل.
فنقول: ان ضرر الأمل هو: امكانية عدم تحققه او استحالة تحققه او صعوبة تحققه، ولكن الأهم من ذلك هو: اشغال الشخصية عن الادراك لوظيفتها العبادية، فمثلاً ان أمل الانسان بأن يتوب من ذنبه فيسوف ذلك، واذا بالعمر ينتهي وهو لم يتب بعد، وبذلك يخسر الآخرة، من هنا جاء الحديث المتقدم، يقول: (الأجل آفة الأمل) بمعني ان الموت هو المحطم لأمل الشخصية، وهو تعبير فني يجدر بنا ان نفصل الحديث عنه الآن.
بلاغة الحديث
الآفة هي كل ظاهرة تتسم بالضرر بحيث تقضي علي الشيء، وهذا كالزرع مثلاً حينما يتعرض لآفة فيموت الزرع وبالنسبة الي حديث الامام الرضا (عليه السَّلام) حينما يقرر بأن (الأجل: آفة الأمل) انما يصوغ صورة بلاغية نسميها (التمثيل) أو هي استعارة تتمثل في اكساب (الأجل) طابع (الآفة) فكما ان الآفة الزراعية تقضي علي الزرع، فكذلك الآفة النفسية متمثلة في ان امل الشخصية الذي رتب عليه اشباعات لاحقة (ربما لا حدود لها)، هذا النسج للأمل رسمه الامام (عليه السَّلام) صورة تمثيلية او استعارية بحيث جعل الموت (وهو ما لم تحتسبه الشخصية) هو: الآفة التي تقضي علي آمال الانسان التي نسجها ورتب عليها آثاراً متنوعة، ولكن يأتيه (الأجل) بغتة فاذا به يخسر آخرته وايضاً دنياه حيث ان الموت المفاجئ اذا واجه الانسان الذي رسم آمالاً عريضة لمستقبله الدنيوي، هذا الموت المفاجئ هو آفة تنزل علي أمل الانسان، فلا يحصل علي ما رسمه من الاشباعات، وهذا - كما اشرنا - يظل خساراً ليس للآخرة فحسب بل للدنيا ايضاً، وهل ثمة احباط للشخصية اكثر من الحرمان الذي يلحقها في دنياها وآخرتها؟
ختاماً نسأله تعالي ان يجعلنا من الذاكرين، ومن الواعين لمهمتنا العبادية التي خلقنا الله تعالي من اجلها وان يوفقنا الي ذلك، اي: ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.