نص الحديث
قال الامام العسكري (عليه السَّلام): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أقرب الي اسم الله الاعظم من سواد العين الي بياضها.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي اسم الله الاعظم تعالي ويقدم لنا تشبيهاً لتقريب دلالته، الا ان تحديد الاسم يظل من الظواهر التي لم تحسم بقدر ما تحوم الظاهرة علي جملة دلالات ولذلك، فان الحديث الذي قدمه الامام (عليه السَّلام) يظل مفصحاً عن الحقيقة المتقدمة، بمعني انه (عليه السَّلام) لم يقل ان البسملة هي الاسم الاعظم بلا ترديد، ولكن البسملة قريبة منه، وسنوضح اهمية هذا التشبيه، ولكن هذا القرب له دلالته دون ادني شك، بمعني اننا ينبغي علينا ان نعني بهذه البسملة حيث جاءت النصوص الشرعية بكثافة هائلة من حيث الندب الي استهلال كل امر بها، بمعني انك لا تبدأ بممارسة اي عمل إلا بها وهو امر لا يحتاج الي مزيد من التوضيح، لان العبارة ذاتها تفصح عن اهمية الدلالة، كيف ذلك؟
ان الله تعالي لا حدود لرحمته، ولا حدود لنعمه، انه الخير المحض، وهذا من الوضوح بمكان واذا عرفنا ان الرحمة نمطان: عامة وخاصة، حيث صيغت عبارة (الرَّحْمَنِ) لما هو عام، وعبارة الرَّحِيمِ لما هو خاص بالمؤمنين، بمعني ان كل شخص يستخدمها: تطل الرحمة عليه وهذا هو منتهي ما يتطلع الانسان اليه في غمرة عمله الذي يعني به. والآن الي الصياغة الفنية للحديث المذكور.
بلاغة الحديث
لقد اعتمد الحديث علي تشبيه فائق، وواضح، وعميق، وطريف، ان سواد العين وبياضها لا يفصل بينهما فاصل بل هما متجاوران ولا يمكن ان نتصور ظاهرة القرب بأوضح من هذا التشبيه الذي لا يدع فاصلاً بين طرفي التشبيه، فأنت يمكنك ان تحدد معني (القرب) في المساحة الفاصلة بين بيتك وجارك الملاصق له بحيث لا وجود لأية فواصل قريبة او بعيدة بين البيتين، وهذا هو ما تبناه التشبيه المتقدم حينما شبه قرب الاسم الاعظم من حيث صلته بالبسملة بهذا النمط من تشبيه بياض العين وسوادها وصلة ذلك بقرب المكان، من هنا، يمكننا ان نتبين مدي جمالية ووضوح وعمق هذا التشبيه بحيث لا يمكنك ان تستشهد بشيء له قرب بشيء آخر مثل قرب بياض عينك الي سوادها حيث لا فاصل البتة بينهما، وهكذا يكون اسم الله تعالي الاعظم حيث نستخلص من ذلك مدي اهمية البسملة بالنسبة الي انجاز قضايانا الدنيوية والآخروية من حيث صلتها باسم الله الاعظم وبركة هذا الاسم، كما هو واضح.