نص الحديث
قال الامام علي (عليه السَّلام): الصبر شجاعة.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم وهو كلمتان يعد من الوثائق العيادية اي: العيادة النفسية، ويقصد بها ما يطلق عليه بالصحة النفسية من حيث السمة التي يتشح بها حامل الصبر، ان الصبر في دلالته هو: تأجيل الاشباع لحاجته الشخصية، كما لو شتمك أحد وصبرت علي ذلك ولم ترد الإساءة بالمثل أو كما لو بهرك محرك جنسي أو مالي أو موقع أجتماعي ثم صبرت علي مقاومته فغضضت النظر وكففت عن المال المشبوه ونبذت الموقع والجاه ونحو ذلك.
والسؤال المهم، هو: لماذا أسمي الامام (عليه السَّلام) ظاهرة (الصبر) بالشجاعة، مع ان الشجاعة هي في التصور اللغوي من يمتلك بطولة جسمية مثلاً.
اذن اطلاق سمة (الشجاعة) علي ما هو غير جسمي: كالعفة والزهد بمتاع الحياة الدنيا يظل اطلاقاً مجازياً، او لنقل يُعَدُّ: صياغة بلاغية.
بلاغة الحديث
تتجسد بلاغة الحديث المذكور (الصبر شجاعة) في كونها قد خلعت طابع (الشجاعة) وهي سمة نفسية مرتبطة ببطولة جسدية: خلعته علي سمة نفسية، (وهي: تأجيل الاشباع) بالنسبة الي مطلق الحاجات، وبعبارة بديلة ان الشجاعة هي سلوك بطولي، يرتبط بما هو مادي أو جسدي يخلع علي ما هو نفسي صرف، وهو (الصبر)، ان الصبر كما كررنا الاشارة اليه، يعني عدم الاقدام علي شيء مع أن عدم الاقدام في حالته المشاعة هو (جبن) لا (شجاعة)، ولكن النكتة البلاغية هي: في هذا الاستخدام المضاد: أي خلع صفة (الشجاعة) علي عدم الاقدام علي الشيء كما لو لم يقدم الانسان علي ضرب الآخر، ليس خوفاً بل التعبيراً عن القيم الاخلاقية المتمثلة في رد الاساءة بالاحسان، وفي التسامح، وفي الصفح، وفي التنازل عن الذات.
اذن امكننا ان نتبين جملة من النكات البلاغية الكامنة وراء عبارة (الصبر شجاعة) حيث اعتمد النص علي ظاهرة التضاد من خلال البطولة المادية، وهي الشجاعة، والشيء النفسي وهو الصبر، فخلع النص السمة المضادة علي ما هو نفسي، وبذلك من خلال تماثلهما في الموقف ألا وهو: مقاومة الشهوة حيث إنّ المقاومة سواء أكانت مادية أم نفسية، تكتسب صفة واحدة، هي الشجاعة.