نص الحديث
قال الامام علي (عليه السَّلام): الصدق لباس الدين.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتحدث عن الصدق، ويصوغه صورة بلاغية هي ما نطلق عليه مصطلح (الصورة التمثيلية) والدلالة لهذا الحديث تتمثل في ظاهرة (الصدق) اي: الكلام الواقعي قبالة الكلام غير الواقعي او ما يسمي بالكذب والحق ان دلالة الصدق ومقابله الكذب من الوضوح بمكان، بيد ان المطلوب هو ان نتبين اهمية الصدق من حيث صلته بالدين، وهذا ما يقتادنا الي التساؤل عن فلسفة الصدق، فنقول: ان النص ربط بين الصدق وبين اللباس، لباس الدين، وسنحدثك بعد قليل عن هذه الصورة البلاغية، ولكن الان نستهدف الحديث عن النكتة او الفلسفة الكامنة وراء الصدق وصلته بالدين. فماذا نستلهم؟
من الحقائق التي ينبغي علينا ان نلاحظها هي ان الصادق في كلامه يظل صادقا في دينه. كيف ذلك؟
الجواب: ان طرف الدين هو الله تعالي، اي عندما نمارس وظيفتنا العبادية التي خلقنا الله تعالي من أجلها: انما نتعامل مع الله تعالي ونتقرب بذلك دون ان نشرك أحدا في الممارسة العبادية. فاذا كان الله تعالي هو الطرف الذي نتعامل واياه: حينئذ فان التعامل المخلص لابد وان يتسم بالصدق وليس بالرياء أو الكسب الدنيوي، من هنا فإن التعامل مع الله تعالي ينبغي ان يتسم بصدق المشاعر والافكار والتأملات، فاذا كذب الانسان في علاقته مع الاخرين فهذا يعني ان لديه استعدادا للكذب في تعامله مع الله تعالي ايضاً، ولذلك ورد حديث يقول بما مؤداه: من صدق قوله زكا عمله، اي: عمله العبادي المتمخض لله تعالي، حيث يتزكي الانسان بعمله العبادي الصادق.
اذن الصدق في الكلام هو صدق في التعامل مع الله تعالي، بالنحو الذي اوضحناه، والان: لنتجه الي الزاوية البلاغية لحديث الامام (عليه السَّلام).
بلاغة الحديث
يقول الحديث: (الصدق لباس الدين). تري ما هي النكتة البلاغية وراء التمثيل او الاستعارة او الرمز للصدق بانه (لباس)؟ اللباس هو: المظهر الخارجي للانسان يتستر به، كما هو واضح، ويتقي به البرد والحر من جانب آخر، وهذا يعني: ان اللباس هو زينة وفائدة، ومن ثم فانه التعبير الخارجي للشخصية لذلك فان اعارة اللباس لظاهرة الصدق انما تعني ان اللباس المميز للشخصية انما هو: الساتر له من العيب، والنافع له من الاذي، وهذا هو عين الايمان او الدين الذي يعني: الإلتزام بمبادئ الله تعالي، حيث ان الالتزام هو: العمل بصدق مع الله تعالي، اي: ممارسة المبادئ التي رسمها الله تعالي للانسان متمثلة في الأحكام المعروفة من الوجوب والندب.