نص الحديث
قال الامام العسكري (عليه السَّلام): ان لكلام الله فضلاً علي الكلام كفضل الله علي خلقه ولكلامنا فضل علي كلام الناس كفضلنا عليهم.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتضمن تشبيهين واقعيين هما: التشبيه الذاهب الي ان لكلام الله تعالي: فضلاً أو تميّزاً كفضله تعالي علي خلقه، والتشبيه الذاهب الي ان للمعصومين (عليهم السَّلام) فضلاً او تميّزاً كفضلهم علي الناس، وهذان التشبيهان من حيث الدلالة يشيران الي حقيقة الكتاب وحقيقة السنة، فالكتاب أو القرآن الكريم هو كلام الله تعالي وهو كلام يتسم بالاعجاز اي: عدم تمكن المخلوقين من الاتيان بمثله، واما السنة أو كلام المعصومين (عليهم السَّلام) فيتسم بالكمال، اي: بعدم وجود الخلل فيه خلافاً لكلام الناس العاديين حيث لا يتسم بالكمال بل بالنقص لأن الناس العاديين غير معصومين، وهذا من الوضوح بمكان كبير ولكن ما نستهدف الاشارة اليه الآن هو الطابع البلاغي للحديث المذكور، وهو كلام احد المعصومين (عليهم السَّلام) حيث يتسم بالكمال البلاغي او الفني، بخاصة من حيث التشبيه الواقعي الذي ارتكن الحديث اليه: كما سنوضح ذلك.
بلاغة الحديث
يلاحظ ان الامام (عليه السَّلام) استخدم تشبيهاً واقعياً، هو ان لكلام الله تعالي فضلاً كفضله علي خلقه، وهو تشبيه فائق من حيث واقعيته، مع ملاحظة ان المعصومين (عليهم السَّلام) حينما يرتكنون الي التشبيه التخيلي انما يتميزون بنفس الكمال الفني لأن التخيل له واقع نفسي أو غيبي او حسي، كما هو واضح.
والمهم هو: ان الله تعالي مادام هو المبدع للوجود، ولا شريك له في ذلك، فإن الكلام بدوره يظل لا مماثل له في الصياغة الفنية والدلالية ولا حاجة بنا الي تذكير القارئ لهذا الحديث بأن الاعجاز القرآني يبقى موضع الدراسات الموروثة والمعاصرة بما هو مثير وملفت وحيّ فيما لا نهاية لتصور ذلك.
واما كلام المعصومين (عليهم السَّلام) فيكفي ان العصمة من الذنب، والعصمة من الخطأ في الفكر هما امراً لا ترديد فيه، وتبقى الصياغة البلاغية لأحاديثهم (عليهم السَّلام) ومطلق النصوص متسمة بالعصمة كذلك، وقد اتيح للكتاب الموروثين والمعاصرين ايضاً ان يتوفروا علي دراسة نصوص المعصومين (عليهم السَّلام) لملاحظة السمات الفنية المتسمة بالكمال فيما لا مجال الان للاستشهاد بذلك. من هنا، اوضح الامام العسكري (عليه السَّلام) من خلال التشبيه ان لكلام المعصومين تميّزاً او فضلاً كفضلهم علي الناس، بمعني ان النصوص الصادرة عنهم تتسم بما هو اعلي من النصوص العادية للبشر، كما هو واضح.