يقع هذا الميناء الذي يتمتع بطراز معماري خاص بين مينائي كنغان وعسلوية.
هذا الميناء الذي يفصل البحر عن الجبل، يوجد فيه شارع واحد. وفي بعض مناطق هذا الميناء يبلغ الفاصل بين الجبل والبحر حدّاً لا يتجاوز ثلاثين متراً؛ حيث نرى بعض بيوت الأهالي وهي بنيت على الجبل.
ذكر المؤرخون انّ ميناء سيراف كان مركزاً للتجارة في الخليج الفارسي ما بين القرن الثاني والقرن الخامس الهجري، وكانت الحركة التجارية والاقتصادية تربطه بمختلف الدول كالصين والهند وقارة افريقيا، وذلك بشكل متواصل.
فيما يخصّ ميناء سيراف والملاحة والإبحار، تكثر الكتب والمصادر التاريخية الموثوقة بمواضيع شتى فضلاً عن أن هناك من المؤرخين من ذكروا في كتبهم ومؤلفاتهم ان السندباد البحري أو بابشاد السيرافي والذي وردت قصصه ومغامراته في ألف ليلة وليلة، كان من البحارين المشهورين في ميناء سيراف.
العنبر وجوز الهند والموز والعود والصندل والعاج والأوراق والذهب والفضّة والعطور والتوابل (البهارات) والأواني الصينية كانت من البضائع التي ترد الى ميناء سيراف من بلاد الهند والصين وافريقيا وتنتقل من هذا المدينة الى مختلف الأمصار والمناطق التي كانت تشتهر بالازدهار الاقتصادي.
كان التجار يصدّرون من هذا الميناء بضائع منوّعة الى شتى بقاع العالم، تتمثل في الأقمشة القطنية النفيسة والموائد والدرر وكذلك انواع الصناعات اليدوية اضافة الى تصدير أنواع العرقيات والعقاقير التي كانت تنتج في فارس.
كانت سيراف في القرن الثالث عشر الميلادي مدينة لالتقاء الأفكار والرؤى والتفاعل الثقافي الحضاري، حيث كان علماء هذه المدينة ومثقفوها يوجّهون دعوات الى عدد كبير من نظرائهم الأجانب للذهاب اليها.
هذا وعّدت سيراف أول مدينة ساسانية اسلامية في ايران شهدت التعايش السلمي بين مختلف القوميات والشعوب.
الى ذلك، كان أهالي ميناء سيراف يعتنقون الديانات الزرادشتية والمسيحية والاسلامية، غير انّ المسلمين كانوا يشكّلون الأغلبية الساحقة لأهالي هذه المدينة في أواخر القرن الثاني الهجري (القرن الثامن الميلادي).
عرفت سيراف في تاريخها الطويل علماء وفقهاء كبار عديدين برعوا في إصدار كتب ومؤلفات حول الطب وعلم الفلك والأدب والتاريخ وباقي الحقول المعرفية.
وورد في الوثائق التاريخية ان سيراف كان فيها ما قبل عشرة قرون خلت، مستشفى، حيث يتعلّم فيه طلبة الحكيم ابن سينا مهارات اجراء العمليات الجراحية المختلفة.
أول أعمال الحفر والتنقيب الأثري الذي أجري في ميناء سيراف يعود الى ما قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران، حيث عثر علماء الآثار الأجانب على مسجد وبيوت قديمة هناك.
كان ميناء سيراف الأثري أهمّ ميناء في الشواطيء الجنوبية لايران منذ العهد الساساني حتى أواخر حكم السلاجقة على البلاد، إلا أن هذه المدينة العامرة فقدت حياتها وجرّاء هزة أرضية أو أمواج مدّ بحري عنيف (التسوماني) ضربها في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وحلّت محلها مدينة كيش، بيد أنه ومنذ ذلك الحادث المروّع، لم يطو سيراف النسيان، وبقيت خالدة وعالقة في الأذهان، اذ ان علماء الآثار وفرق التنقيب الأثري كانوا يقصدون هذه المدينة بحثاً عن مزيد من معالمها الأثرية وتاريخها التليد، ناهيك عن تأليف كتب عدّة تتحدّث عن أبهة سيراف وعظمتها ومكانتها المرموقة.
توجد في سيراف، جاذبيات سياحية منوعة الى جانب مواقعها الأثرية الدينية والتجارية والمدنية وما الى ذلك.