نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): إستماع الأصم من غير تضجر صدقة هنيئة.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتحدث عن تعاملنا مع الأصم، اي الفاقد لحاسة السمع، حيث يقررّ الحديث بان اسماعنا للاصم بمثابة صدقة هنيئة، طبيعياً، هذا الموضوع ينسحب علي مطلق المرضي ممن يتعذر التعامل الطبيعي واياهم، سواء اكان اصّم او ابكم أو اعرج أو اية عاهة اخري، والنكتة هنا هي:
اولاً: الحث علي مساعدة المحتاجين.
وثانياً: عدم تضجرنا من مساعدتهم.
وثالثاً: ما ينطوي عليه هذا النمط من المساعدة من آثار عائدة علي الشخص. كيف ذلك؟
هذا ما نحاول توضيحه من خلال بلاغة الحديث المتقدم، حيث يصوغه الامام (عليه السلام) وفق صورة تمثيلية قد يسميها البعض بالتشبيه لان الاسماع للاصم بمثابة التصدق او يسميها البعض استعارة لان الحديث يخلع علي المساعدة الحركية طابع المساعدة النقدية. المهم هو ملاحظة النكات الكامنة وراء الحديث المذكور.
بلاغة الحديث
من الزاوية النفسية يظل الاصم بحاجة كبيرة الي توصيل الكلام اليه، وهو ما يبعث علي الملل او الضجر لدي من يحاول التعامل مع الاصّم، ولذلك جعل الامام (عليه السلام) هذه المحاولة: اي اسماع الاصم بما يتطلبه من إعلاء الصوت أو تكراره، بانه بمثابة من يتصدق، وهي صدقة ليست عادية، بل وصفها بانها هنيئة وهنا تكمن بلاغة الحديث، كيف ذلك؟
ان الصدقة في حدّ ذاتها تدفع البلاء عن المتصدق، وهذا هو:
اولاً: المعطيات المترتبة علي الصدقة.
ثانياً: لقد وسم الامام (عليه السلام) هذه الصدقة بانها (هنيئة) اي: تستتبع الرغد او الهناءة أو الراحة، لماذا؟ ان المعطي الآخر للصدقة هو: الثواب الاخروي، ولا هناءة اشد حجما من هناءة الاخرة.
وثالثاً: فان الادخال للسرور علي قلب الاصّم ينطوي علي هناءة للمريض نفسه، فضلاً عن انه سوف يدعو يحقق له هذه الصدقة او الاشباع أو المساعدة لما يحتاج اليه، مع ملاحظة ان النصوص الشرعية طالما تذكر بان دعاء المريض مستجاب، وهذا ما يحقق هناءة للشخص الذي ساعد الآصم ومطلق المرضي.
اذن امكننا ان نتبين مدي جمالية هذا الحديث من حيث ارتكانه الي الصورة البلاغية المتمثلة في (التمثيل) بالنحو الذي اوضحناه، سائلين الله تعالي ان يوفقنا لمساعدة الآخرين، وان يوفقنا لممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.