نص الحديث
قال الإمام عليّ (عليه السلام): الطمع رقّ مؤبد.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي ظاهرة (الطمع)، اي: الرغبة او الميل الزائد علي الحاجة للشيء، وهو عرض مرضيّ يكشف عن الذاتية والانانية في احط مستوياتها، المهم هو: ان الامام علياً (عليه السلام) قدم لنا صورة فنية عن الطمع وانعكاساته، ولكننا نستهدف قبل ذلك ان نشير الي خطورة هذه المفارقة في سلوك الانسان، لانها تقتاده الي ما لا نهاية لا شباع الحاجة غير المشروعة، لان عدم الاشباع يتماثل مع الاحباط، بمعني انك اذا لم تشبع من الشيء فكأنك محبط في حاجتك لا ارواء فيها البتة.
بلاغة الحديث
لقد قدّم الامام (عليه السلام) صورة نطلق عليها (الصورة التمثيلية)، ويطلق عليها الآخرون مصطلح (التشبيه)، او مصطلح (الاستعارة) ونحو ذلك، والمهم هو الصورة وليس المصطلح، فماذا نستكشف من الصورة المتقدمة:
الصورة تقول: (الطمع رقّ مؤبّد).
والسؤال اولاً: ما هو (الرقّ)؟ الرقّ هو عبودية الشخص لسيده، اي: توظيف حياته في خدمة مولاه، بحيث لا عليك حرية التعرض، وهو قمّة الذلّ وحينما مختلغ علي الطمع طابع (الرقّ) فمعناه: ان الطامع هو عبد لشهواته لا يستطيع الفكاك عنها، اي: هو ذليل حيال حاجته لا سبيل الي اشباعها، ولذا ورد ان الطمع يقتل الشخصية في بسبب بعدم تحقق الاشباع.
بيد ان الدلالة الاشد اثارة في الصورة المتقدمة هي ان الامام علياً (عليه السلام) لا كتفي بالمقارنة بين الرق والطمع، بل يخلع علي الطمع (رقاً مؤبداً)، بمعني ان العبد من الممكن ان يتحرر من سيده، وهو ما نلاحظ في زمننا المعاصر حيث تلاشت أو علي وشك تلاشي الرق بسبب انعتاق العبيد وتحريرهم ولكن النكتة هي: ان الطابع يخضع لرق مؤبد وليس وقتياً، وهذا هو موضع النكتة البلاغية، بصفة ان الطامع يظل طيله حياته مطبوعاً بهذه السمة ولا سبيل الي الخلاص منها.