نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): الدعاء انفذ من السنان.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي أهمية الدعاء واستجابته، اي: من حيث فاعليته الكبيرة، كل ما في الأمر ان فاعلية الدعاء ينبغي ألّا نحصرها في الاستجابة العاجلة او السريعة بقدر ما تترك أثرها في العاجل او الاجل أو دفع البلاء، وقد ورد في النصوص الشرعية، ان الدعاء امّا ان يستجاب في العاجل، او في اللاحق من الوقت او في الآجل، اي: الثواب الاخروي، او يدفع به البلاء ام حالة عدم الاستجابة للموضوع المدعّو له.
بلاغة الحديث
والمهم هو: ملاحظة الحديث بعد هذه المقدمة من حيث بلاغته المتمثلة في التشبيه القائل: (الدعاء انفذ من السنان).
السنان هو فصل الرمح، بمعني انه جهاز عسكري ينفذ الي الجسد مثلاً، والنكتة البلاغية هي: ان نفاد الرمح الي الجسد أو أبتر اهداف يظل امراً مفروضاً منه، بصفة قدرته علي النفاذ كنفاد السكين مثلاً في اللحم، وعندما يقدّم الامام الصادق (عليه السلام) تشبيهاً يقول فيه بان الدعاء انفذ من السنان انما يصوغ اولاً تشبيهاً متفاوتاً وليس تشبيهاً عادياً، بصفة ان التشبيه العادي ينظر بالتساوي او التماثل بين شيئين: بينما ينظر التشبيه المتفاوت الي ما هو اعلي أو ادني، فنعد ما يقرّر القرآن الكريم بان الكفّار مثلاً هم اضل من الانعام انما ينظر الي ما هو اشد لالاً وليس المساواة بيه الكفار والحيوانات، وهكذا بالنسبة الي فاعلية الدعاء، حيث ينظر التشبيه الي ما هو اكثر نفاذاً من السنان، اي: الدعاء هو اسرع في فاعلية حتي من السنان الذي هو سريع في نفاذه الي الباطن من الأشياء، اذن: التشبيه المتقدم يظل مثيراً وملفتاً للنظر من حيث وضوحه وعمقه، بصفة ان النفاذ من خلال جهازعسكري يظل اقوي فاعلية من النفاذ الموجود في سائر الاشياء والأهمية الأشدّ من ذلك هي: ان يتداعي ذهن قاري الحديث الي ضرورة افادته من هذه الصورة البلاغية حتي يتعمق ايمانه بالدعاء، وبصلة العبد بمولاه من خلال الدعاء المذكور.