البث المباشر

حديث: الاماني تعمي اعين البصائر

الأحد 3 نوفمبر 2019 - 12:52 بتوقيت طهران
حديث: الاماني تعمي اعين البصائر

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 59

نص الحديث

قال الإمام علي (عليه السلام)الاماني تعمي اعين البصائر.

دلالة الحديث

هذا الحديث من النصوص المتسمة بما هو فائق من الدلالات المرشح بعدة تأويلات، إلا انها جميعاً تعني هدفاً محدداً هو: ان المرء ينبغي الّا يتمني شيئاً يتعذر أو يمتنع حصوله.
ان الأمنية تعني: ما يمكن ان نطلق عليه مصطلح (حلم اليقظه)، اي: ان ما يتطلع اليه الانسان أو ما يهدف الي تحقيقه دون ان تكون له قابلية علي حصوله: يلجأ الي وسيلة لا شعورية هي: ان ينسج لنفسه هدفاً يحصل عليه من خلال (الخيال) او (الوهم) حيث ان الانسان يستطيع ان يتخيل نفسه رئيساً للبلد أو علامة لا ثاني له، أو مليارد لامواله، و بهذا يخفف من احساسه بالخيبة او النقص الذي لا يسمح له ببلوغ ما يطمح اليه من الأماني.
المهم الحديث يشير الي ان من يتمني ما يتعذر حصره، و يمتنع فانه يفقد بصيرته، اي: التفكير السليم من مواجهة لما يتطلع إليه من الأماني، وقد رسم الامام (عليه السلام) هذه الحقيقة في صورة استعارية هي: (الأماني تعمي اعين البصائر) وهذا ما يتعين علينا معالجته بلاغياً.

بلاغة الحديث

البلاغة التي يجسدها الحديث المتقدم تتمثل - في جملة ما تتمثل به - هي: جعل ما هو خاضع للبصر: اي العين، عمياء لا قابلية لها علي البصر، ثم جعل او خلع علي البصيرة - وهي ادراك الامور بنحو صائب و سليم- خلع عليها طابع (البصر)، حيث جعلها عمياء، و بهذا نتبين عمق الدلالة التي طرحها الامام (عليه السلام) بالنسبة الي من يشغل نفسه بالأماني المتعذر حصولها، بصفة ان البصر هو الجهاز الموظف للنظر الي الاشياء، و بصفة ان البصيرة هي الجهاز العقلي الذي يستطيع الانسان بواسطته ان يدرك حقائق الامور، فاذا خلع علي البصيرة عمي البصر، فهذا يعني: انعدام الوعي تماماً عند الشخصية التي تحلم ببلوغ الاماني المتعذّر حصولها.
ومما يضفي بعداً بلاغياً آخر علي الحديث المتقدم هو: انتحابه للعنصر الايقاعي المتمثل في (التجنيس) او (التجانس) الصوتي بين كلمة (البصر) و (البصيرة)، فالاولي هي مادية (العين) والثابتة هي معنوية (البصيرة)، وعندما يحانس (عليه السلام) بينهما من خلال الصوت (الصاد)، و(الراء) و(الباء): حينئذ تبلغ البلاغة قمة جماليتها بالنحو الذي اوضحناه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة