نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): الشيطان: انما يسنّي لكم طرقه لتتبعوا عقبه.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يحتمل وجهين من الدلالة، احدهما: ان الشيطان (يهيئ) لكم طرقه لتتبعوا عقبه، اي يهيئ لكم الوسائل التي يصطادكم من خلالها.
واما الوجه الآخر فهو: الشيطان (يغيّر) لكم طرقه، اي: يتخذ مختلف الوسائل ليحملكم علي ما يريد من المعاصي وفي الحالتين، فان الحديث المذكور يستهدف الاشارة الي ان الشيطان يمارس مختلف الحيل والمكائد الطرق والاغراءات ليحملكم علي ممارسة المعصية، لذلك فان الشخصية الواعية ينبغي عليها ان تكون يقظة وحذرة وذكيّة حتي لا تقع في شباك الشيطان وهذا هو التصور العام لأسلوب الشيطان في تعامله مع الناس، والآن علينا ان نتبين النكات البلاغية الكامنة وراء الحديث المذكور في صياغة صورة تمثيلية او استعارية او رمزية للدلالة المذكورة متمثلة في عبارة: (الشيطان: إنما يسّني لكم طرقه لتتبعوا عقبه).
بلاغة الحديث
تتجسد بلاغة الحديث المذكور في كونه قد استعار للشيطان رمزاً من حيث الأساليب التي يتبعها لإغواء الناس، متمثلاً في عبارة (يسّني لكم طرقه) وكما اشرنا سواءاً كان المقصود من كلمة (يسّني) هو: التصير او التغيّر، ففي الحالتين ثمة طرافة فيه وهي: ان من لديه استعداد للمعصية أو ان من لا يمتلك وعياً حاداً: يجد امامه طريقاً معبّداً للسير وراء الشيطان، وهذا ما رمز له الحديث بعبارة (يسّني) بمعني (يهيئ) أو (يعبّد) الطريق ليجد الشخص أمامه كل ما هو عليه من السهولة في السر وراء الشيطان، أو يرمز الحديث من خلال كلمة (يسّني) الي التنّوع في اساليبه بحسب ما يتطلبه الموقف من الضعف في وعي الناس، فيسلك هذا الطريق أو ذاك او الطريق الثالث، وهكذا حتي يحقق هدفه وهو إغراء الناس واغواءهم، وبذلك يتـّبعون عقبه لاهثين وراء هذا المتاع او ذاك مما هو معصية، اذن انتساب كلمة (يسّني) الطرق، يجسّد نكتة بلاغية لها طرافتها وعمقها، وذلك لان التهيئة أو التنوع في شقّ هذا الطريق او ذاك، وحمل الآخر علي السير وراء الطريق الذي اتبع الشيطان: يظل من الصور ذات الطرافة وذات العمق.