نص الحديث
قال الامام الكاظم (عليه السلام): لو رأيت مسير الاجل، لالهاك عن الامل.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من النصوص الحافلة ببلاغتها الفائقة بما تحمله من الدلالة، فيما يتعين علينا ان نمعن النظر فيها مادامت منعكسه علي حياتنا الاخروية ونحن لانزال نتجاهل حدوث ذلك.
الحديث يقول لو ان الانسان قدر له ان يمعن النظر في حدوث الموت (وهو قد يحدث في لحظة لا نتوقعها بحيث اذا صعد نفسنا قد يتوقف ولا ينزل، ويحدث الموت). نقول: لو قدر لنا ان نمعن النظر في هذه الظاهرة وهي حدوث الموت لتوقفنا عن جميع الامال التي نرسمها في حياتنا القصيرة. ولنضرب امثله علي ذلك.
طالب: يصرف سنوات طوال علي وثيقه تخرجه ويجعلها همه الوحيد.
تاجر: يصرف سنوات طوال للحصول علي ربح.
عاشق: يصرف سنوات طوال للظفر بمعشوقته.
سياسي: يصرف سنوات طوال ليظفر بموقع اجتماعي يزهو بواسطته علي رؤؤس الناس.
لاه: يصرف سنوات طوالاً في الحصول علي اشباع حاجاته المشروعة وغير المشروعة، يهدف الي الامتاع، الي اسعاد لحظات حياته.
شيخ: يصرف وقته في التفكير ببناء عماره، بالحصول علي وظيفة ادارية، بتجميع الاموال.
هذه النماذج وامثلتها هي: ما يتداعي ذهن الانسان اليها عندما يواجه حديث الامام الكاظم (عليه السلام) حيث يقرر بان الانسان اذا قدر له ان يفكر بنزول الموت فجاة، حينئذ فان الامال التي رسمها في ذهنه: كبناء عمارة، وحصول تجارة. هذه الامال ستتلاشي من قلبه، ومن ثم: سوف يلهو - ليس باشباع حاجاته الدنيوية - وانما بالكيفية التي سيؤؤل اليها بعد الموت في حياته البرزخية، ومن ثم في حياته الخالدة وهو لا يعلم ماذا سيكون مصيرة.
بلاغة الحديث
ان بلاغة الحديث المتقدم، ونعني بعباره اسير الاجل وعبارة (الهاه عن الامل) تتمثل في ان الموت له مسير يصل الي عمر الانسان، اي له رحلة يتوقف فيها عند محطة العمر لهذا الشخص اوذاك. واما عبارة (الهاه عن الامل) تتجسد بلاغتها في ظاهرة [الالهاء] اي الانشغال بالنظر الي رحلة الموت وكيفية نزوله ووصوله الي هذا الشخص اوذاك، وحينئذ ينطفئ الامل او الامال التي رسمها في ذهنه: كالحصول علي الاموال، علي المنصب، علي الشهوات الاخري، ويبقي مذهولاً ينتظر اجابه. نساله تعالي في الختام ان يجعلنا واعين، لاغافلين، وان يوفقنا الي ملافات مافاتنا من التقصير في ادراك وظيفتنا العبادية، وممارسة الطاعة انه سميع مجيب.