نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): التقي رئيس الاخلاق.
دلالة الحديث
التقوي والتقي ونحوهما من حيث اللغة هي: الخشية والحذر ونحوهما، وقد أستخدمت شرعيا لتعني: الخوف من الله تعالي، سواء أكان الخوف هو من العقاب أو الحرمان من الثواب، أو - وهذا هو طابع العباد الاحرار - الخشية من عظمة الله تعالي.
والسؤال الأن هو: ماذا نستلهم من العبارة القائلة بأن التقي: رئيس الأخلاق؟ أن العبارة المذكورة: صورة بلاغية تنتسب الي ما نسمية بـ (التمثيل) أو (التجسيد) ويسميها الأخرون ب الأستعارة ونحو ذلك؟ وفي الحالات جميعاً يعنينا أن نعرض لهذه الصورة دلالة وبلاغة، لنبدأ بالدلالة.
بلاغة الحديث
أذا أخذنا الأخلاق بمعناها الأيجابي وليس الأعم من ذلك حينئذ فأن الأخلاق هي مجموعة من السمات التي تغلف الشخصية مطبوعة بما هو إيجابي من السلوك وهذا كالبشر أو الكلام الحسن أو التواضع أو الحلم أو الأخلاص أو الوفاء أو الأحسان أو.... بيد أن النص الذي ذكره الامام علي (عليه السلام) أومأ الي التقي وهو مخافة الله تعالي رئيس الاخلاق أو الهرم منها أو الرئيس مقابل الفرع، أي أن السمات التي ذكناها قبل قليل تعد فروعا للأصل وهو التقي والأ فأن الكلام الحسن مثلا أو التواضع أو الأحسان أو الأخلاص وحده لا فائدة فيه مالم يقترن بالتقوي: وهو الالتزام بما رسمه الله تعالي من المبادئ التي أمرنا بالعمل بها أذن: أية مفردة أخلاقية أذا لم تكن مرتبطة بالتقوي لا تكتسب مشروعيتها التامة، ويقتصر عطاؤها في الدنيا فحسب لماذا السبب من الوضوح بمكان، ألا وهو أن الله تعالي لم يخلق الجن والأنس الا ليعبدوه، فالعبادة - وهي الالتزام بمبادئ الله تعالي - هي مادة السلوك المطلوب، وما عداها لاقيمة له مادام غير مقترن بالهدي الذي خلق تعالي الانسان من أجله، بلاغياً نحسب بأن قارئ الدعاء سوف يدرك بوضوح جمالية هذه الصورة الفنية، لماذا؟
الجواب: أذا كان الرأس أو الأصل والرئيس مقابل االفرع هو الهدف أساساً: حينئذ لاقيمة حقيقية للفرع مللم يتجانس مع الأصل، من هنا، فأن الامام (عليه السلام) حينما جعل (التقي) رئيساً للأخلاق إنما جعل ما عداه فروعاً لافائدة فيها الا بمقدار تجذرها في شجرة الأصل وهي التقوي. أذن جاءت الصورة الفنية (التقي: رئيس الأخلاق) متسمة بجمالية فائقة من حيث كونها بمثابة (الأصل) الذي (تتفرع) منه سائر السمات الأخلاقية.