نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): خير الأمراء: من كان علي نفسه اميراً.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي الشخصية الاسلامية من حيث اتصّافها بسمة محورية هي: السيطرة علي هوي النفس، ولعلنا جميعاً نتذكر المقولة المعروفة عن المعصوم (عليه السلام) حينما قارن بين الجهادين: العسكري وجهاد النفس حيث سمّي الاول منهما بالجهاد الاصغر، مع انه مخاطرة بالحياة حيث ان الدافع الي الحياة: اكبر الدوافع البشرية فاعلية، بمعني ان الانسان مستعد لتحمّل شدائد الحياة من اجل استمرارية العمر، ومع ذلك فقد اطلق النبي (صلى الله عليه وآله) عبارة (الجهاد الاصغر) علي الجهاد العسكري، بينما اطلق علي جهاد النفس: الجهاد الاكبر، وهذا يعني: أهمية جهاد النفس من حيث السيطرة علي هواها ومخالفة ذلك في ضوء ما رسمه الاسلام من المباديء التي تحدد لنا نمط الالتزام ونمط السيطرة علي النفس.
والمهم، ان هذه المقولة مماثلة للمقولة القائلة: خير الامراء من كان علي نفسه اميراً، حيث شبّه السيطرة علي النفس بالأمير الذي يسيطر علي البلاد، وخلصها طابعاً بلاغياً آن لنا ان نوضحه الآن.
بلاغة الحديث
ان المقولة المذكورة تجسّد صورة استعارية أو تمثيلية هي: خلع طابع (الإمارة) او (الأمير) علي هوي النفس، وجعل الشخصية التي تسيطر علي نفسها هي: الشخصية الأميرة حقاً. كيف ذلك؟
النكتة البلاغية هنا، هي: ان الدوافع المركبة في النفس (بما فيها الطوابع الحيوية: كالطعام والجنس ونحوها) تخضع الي السيطرة النفسية لا المادية، فالانسان يستطيع ان يسيطر علي الجوع مثلاً (كالصيام)، ويستطيع السيطرة علي الجنس (كالعفة)، وهكذا.
من هنا، فان السيطرة علي الحاجات البشرية سواءاً كانت مشروعة او غير مشروعة: ممكن حدوثها من خلال ترويض النفس علي تأجيل شهواتها الي الطعام والجنس والجاه والمال،....
من هنا ايضاً فان السيطرة علي هذه الشهوات تظل هي الخيار الاولي للشخصية الاسلامية،بحيث تصبح الشخصية أميرة او ملكة علي ملذاتها: كما هو واضح.
وتتجسد أهمية هذه الصورة الفنية يكون الأمير هو الشخصية الوحيدة التي تستطيع السيطرة علي الآخرين، ولكن الآخر الذي هو هوي النفس يظل هو الاولي حتي تكتسب الشخصية رضاه تعالي.