نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): لو احبّني جبل: لتهافت.
دلالة الحديث
تعدّ هذه العبارة او التقرير أو الصورة الفنية، من النصوص الفائقة في دلالتها وبلاغتها.
فمن حيث دلالتها تشير الي الموالين للامام علي (عليه السلام) بصفته خليفة رسول الله: وبصفته المعيار الذي يميز المؤمن من غير المؤمن: تبعاً للنصوص الذاهبة الي ان علياً يحب الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، وانه لا يبغضه الّا منافق.
اذن محبة الامام عليّ (عليه السلام) بصفته وزير النبي (صلى الله عليه وآله): وابي الائمة عليهم السلام، وزوج ابنته الخ، يجسد شخصية لا يضارعها احد بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)، انه باب مدينة العلم: رسول الله (صلى الله عليه وآله): ووليّ كل مؤمن ومؤمنة، ومن ثم فان المحبّ له: يتميز بسمات من الصعب ان تترمز الا عند الخاصة من الخلق، ولذلك قدّم لنا الامام عليّ (عليه السلام) صورة فنية للتعبير عن حجم المحبة له وما يترتب عليها. فما هي هذه الصورة الفنية؟
انها صورة (لو احبني جبل: لتهافت)، ان الجبل يتميز بكونه صلباً وضخماً لا سبيل الي حلحلته وهزّه وتحريكه وتهافته ولكن اذا قدّر لاحد ان يكون بصيراً بحقيقة عليّ (عليه السلام)، واحبّه في ضوء بصيرته بحقيقة الشخصية المذكورة: حينئذ فان المحبّ المذكور لا يطيق او يتحمل مسوؤلية حبّه، لان الحب العميق يجعل الشخصيته فاقدة لتوازنها: نظراً لاندهاشها وحياتها وتعجدها وتعديرها وتتميزها وتقديمها لشخصية ما خلق الله تعالي - ما عدا النبي (صلى الله عليه وآله) - امثلتها، وهذا ما يفسر لنا معني عبارة (لتهافت) اي: ان الجبل يتهافت ويتساقط لو قدّر له ان يعرف قيمة الامام عليّ (عليه السلام).
بلاغة الحديث
ان الصورة المتقدمة (لو احبني جبل: لتهافت) نطلق عليها مصطلح (الصورة الفرضية) وهي صور يستخدمها القرآن الكريم والحديث مثل قوله تعالي: «لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ...» ومثل «لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا...»، هذه الصور وامثالها يصوغها الله تعالي واهل البيت تعبيراً عن عظمة ما يطرحونه من المبادئ والاخطار والحقائق.