نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): العيون طلائع القلوب.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي النظرة المحرمة، وانعكاساتها علي الشخصية من حيث الانحرافات المترتبة علي ذلك، وثمة احاديث تشير الي ان النظرة تسبب الفتنة، اي: الشهوة ومضاعفاتها، وتطالب بان يغض النظر تبعاً لقوله تعالي: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ» وقوله تعالي: «وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ».
والسؤال المهمّ هو: ما علامة هذه الظاهرة بالعبارة التي رسمها الامام (عليه السلام)، اي عبارة (العيون: طلائع القلوب)؟ هذا ما نحاول الاضاءة لدلالاته اوفكّ رموزه: اذا كان لنا بممارسة هذه الاضاءة.
الصورة المتقدمة نطلق عليها مصطلح والصورة التمثيلية او التجسيدية او التعريفية التي تعرّف شيئاً بشيء آخر، وهذا يقتادنا الي السؤال الآتي: ما المقصود اولاً من الطلائع؟ ما هي علاقة ذلك بالقلوب، اي: صلة (العيون) بظاهرة (القلوب)؟
الجواب: كلمة (الطلائع) رمز بلاغي اوفني يشير الي دلالته اللغوية التي تعني إما مقدمة الجيش، أو من يرسله الجيش لاستطلاع مواقع العدو.
والآن اذا استخدمنا، الكلمة او الرمز المذكورة نحصل علي النتيجة الآتية، وهي: ان العين الناظرة جنسياً الي الطرف الآخر (اي نظر الرجل الي المرأة، ونظر المرأة الي الرجل)، تكون بمثابة الطلائع (مقدمة الجيش أو استخباراته) حيث ان الناظر الي المرأة مثلاً تكون عيناه بمثابة من نظر الي المرأة ونقل الي قلبه اثر هذه النظرة، فتكون النتيجة هي: العشق وما يعقبه من احلام اليقظة.
بلاغة الحديث
ان النظرة - كما ورد في الحديث- سهم من سهام الشيطان، والسهم اذا ارتد الي القلب فانه يرده وهو ما يعانيه الناظر من القلق والتوتر والانشطار والاضطراب.
من هنا ايضاً يكون الرمز المذكور معبّراً عن طلائع العيون، ونقل أثرها الي القلوب ومن ثم: ما تعانيه القلوب من التمزق الذي اشرنا اليه.
اذن النظرة المحرمة الي الجنس الآخر، أو بنمطيه: الآخر والمثل تظل ممارسة شاذة، تنضي في النهاية الي عصاب (العشق) وهو - اي العاشق - كما ورد عن النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم) قلب قد خلا من محبة الله تعالي فابتلاه بحبّ غيره.