نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عدّ نفسك من اصحاب القبور.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم لا يحتاج الي توضيح دلالته، لكنه يقترن بنكات يتعين علينا ان ننتبه عليها، ألا وهي نكتة (الموت)، ولكن السؤال هو: كيف نتعامل مع الموت؟
ان الموت حقيقة مغفول عنها مع انّها تواجهنا يومياً من خلال مشاهدة الموتي من قريب او جار او صديق او اية شخصية نواجه جنازتها أو مجلس الفاتحة لها، بيد ان المهمّ هو: كيف نستجيب لهذه الظاهرة؟
الحديث المتقدم يجيبنا علي السؤال المتقدم، الا وهو (عدّ نفسك من اصحاب القبور) ولكن السؤال من جديد: كيف نتصور بأننا من اصحاب القبور؟ مثلاً لماذا لم يقل الحديث (انك ستموت حتماً) ولكنه قال (عدّ نفسك من اصحاب القبور)؟
بل نتساءل من جديد ايضاً: لماذا لم يقل الحديث عدّ نفسك ميتاً؟
بل قال: من اصحاب القبور؟ هل هناك فارق بين من يقول (عدّ نفسك ميتاً) وبين من يقول (عدّ نفسك من اصحاب القبور)!
بلاغة الحديث
ان الفارق سيتضح من خلال ملاحظة بلاغة الحديث، ان العبد حينما يتذكر (القبر) وضيقه، وجسده وتفسخه، ومن ثم حينما يتصور مجيء الملكين وسؤالهما اولئك جميعاً تضعه في استجابة خاصة هي: هول ما يواجهه من الزاوية النفسية بالاضافة الي ما يلي ذلك من انبعاث الجسد، ومن تصوّر المحاكمة واولئك جيمعاً تسهم - كما اشرنا - في تضحيم الاستحابة المهولة، مما يجر الشخصية الي ارغامها علي التفكير بالموت وما يتداعي الذهن من خلاله الي ان تفكر الشخصية بالموت مما يحملها علي تعديل السلوك، وهو المطلوب بطبيعة الحال.
اذن امكننا ان نتبيّن - ولو سريعاً - ما تحمله عبارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (عدّ نفسك من اصحاب القبور) من دلالات، وما تجره من تداعيات متنوعة بالنحو الذي، اوضحناه.
ختاماً نسأله تعالي ان يجعلنا ممن يعدّ نفسه من اصحاب القبور، وان يجعلنا معتبرين بذلك، وأن يجعلنا من يعدل سلوكه، وان يمارس الطاعة ويتصاعد بها الي النحو المطلوب، انه سميع مجيب.