نص الحديث
قال الامام العسكري (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شرّ.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسد واحدة من السمات التي طرحها الامام (عليه السلام) بالنسبة الي سلوك الناس، الا وهو: الغضب حيث جعله مفتاح كل شرّ.
والسؤال الآن هو: لماذا وسم الامام (عليه السلام) ظاهرة الغضب بانها مفتاح الشرّ؟
من الحقائق المعروفة في ميدان علم النفس العبادي، او علم نفس السواء، او علم النفس المرضي، ان الانفعال الحاد هو تعبير عن عصاب الشخصية، اي: الشخصية المريضة نفسيّاً.
والسرّ هو: ان الانفعال الحاد خارج عن الاستواء النفسي، اي: الحالة الطبيعة للانسان، ان المنفعل نفسياً هو: من يفقد توازنه الداخلي فيصدر منه ردّ فعل حاد يخرجه عن التوازن فيبدأ بممارسة سلوك عصباني وعصبي حتي يصل الي الهذيان احياناً، أي: يصدر منه من الكلام ما هو غير متوازن وهذا من حيث ردّ الفعل من الزاوية اللفظية.
اما ردّ الفعل من الزاوية العضوية فان الغاضب يرتجف بدنه، ويتخلخل توازن بدنه، وينعكس ذلك علي قلبه وعقله وضغط دمه.
تقول النصوص الشرعية: ان الغاضب قد يصل انفعاله الي حدّ يقتل به النفس البريئة، وتوصي في هذا الميدان بجملة توصيات لردّ الغضب، منها: ان يجلس اذا كان واقفاً مثلاً من حيث السلوك الحركي، وأن يحلم من حيث السلوك النفسي، وذلك بان يكبت غضبه، ويبدأ بالتفكير في عواقب غضبه، ويستحضر التوصيات النادبة الي ذلك.
بلاغة الحديث
المهم ان الامام المعصوم (عليه السلام) اشار الي الغضب وجعله مفتاح الشر، والسؤال من الزاوية البلاغية: ماذا نستلهم من الصورة المذكورة التي جعلت الغضب مفتاحاً لشرور؟
بلاغياً تعدّ الصورة المذكورة من أدق التوصيات الارشادية، حيث ان الغضب هو: اساساً تصدير من الداخل الي الخارج، اغلاق في الداخل، وفتح من الخارج، وهذا ما يتسق مع كلمة (مفتاح)، والسبب هو: ان الغضب لا ينحصر اثره في الغاضب فحسب (اي يصبح شخصيته مريضة نفسياً وتحلياً وحسياً) بل ينعكس علي الاخرين ، حيث يؤدي احيانا الي القتل، ويؤدي الى الكراهية، ويؤدي الي فقدان التواصل الاجتماعي، ولذلك، اصبح مفتاحاً لكثير من الأعمال المحظورة شرعاً وانسانياً.