نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): ذكر الله، رأسمال كل مؤمن، وربحه: السلامة من الشيطان.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يتسّم بطرافة دلالية هي: ان التاجر له رأسمال، ويهدف اساساً الي الربح، فاذا نقلنا هذه الحقيقة الي الشخصية المؤمنة وعلاقتها بالله تعالي من حيث العمل بمبادئه تعالي في ميدان السلوك الحركي، وفي ميدان السلوك اللفظي المقترن بالوعي، اي: الالتزام بالاذكار والاوراد والادعية، مع معرفة دلالتها: حينئذ فان السلوك اللفظي المذكور، يكون بمثابة رأس المال للذاكر، ويكون الربح هو: التخلص من الشيطان الرجيم، ليس هذا فحسب، بل ورد في النصوص الشرعية بان الذاكر لله تعالي لا تصيبه الصاعقة، اي: لوفرضنا ان صاعقة ما وقعت علي الارض، فانها لا تصيب الذاكر لله تعالي بل تصيب غيره.
اذن الذاكر لله تعالي يظل بمأمن المعصية، وبمأمن من البلاء والمهم هو: ان الحديث المتقدم يجسد صورة بلاغية هي ما يطلق عليها مصطلح (الصورة التميثيلية).
اي الصورة التي يكون احد طرفيها بمثابة تجسيد او تعريف للطرف الأخر، وهو: ان الذكر رأسمال، وان الربح هو: الطاعة.
بلاغة الحديث
ان الصورة التمثيلية المتقدمة، تكمن طرافتها البلاغية في كونها قد انتخبت بعدا اقتصادياً هو التجارة وأرباحها، حيث يصرف التاجر الي الربح الذي يحقق له اشباع الحاجة، في حياته حيث لا امكانية لاستمرارية حياته الّا بالحصول علي ما يسّد حاجاته الي الطعام والملبس او السكن الخ، والأمر كذلك بالنسبة الي المؤمن الذي يعرف تماماً انه لا يمكن، ان ينال رضاه تعالي الّا بالطاعة، والطاعة لا تتحقق الّا بالسلامة من الشيطان وغوايته، والسلامة من الشيطان وغواتيه هي: الربح الذي يطمح اليه المؤمن في ممارسته للعبادة التي خلق الله تعالي الانسان من اجل ممارستها، تبعاً لقوله تعالي: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ».