نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): من تطهّر، ثم أوي الي فراشه، بات وفراشه كمسجده.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يتناول ظاهرة الوضوء الشرعي وما يترتب عليه من المعطيات العبادية، حيث نعرف جميعاً بان النصوص الشرعية طالما تحرص علي مطالبتنا بان نتطهر من الحدث وان نستمر علي ذلك، ويتأكد الاستحباب علي ذلك بالنسبة الي النوم، حيث لاحظنا بان الحديث المتقدم يجعل المتوضيء الذي يتجه الي النوم بمثابة من هو حاضر في المسجد يمارس صلاته وذكر الله تعالي.
والسؤال الان هو: ماهو المعطي أو الاثابة التي رتبّها الحديث علي النائم المتوضّئ، من خلال التشبيه القائل (وفراشه كمسجده)؟
انّ الأهمية التي ينطوي الحديث المتقدم عليها، تتمثل في التشبيه الذي قدّمه الامام الصادق (عليه السلام)، وهو تشبيه ينتسب الي ما سبق ان كررناه وهو: التشبيه العملي قبالة التشبيه التخيلي، ان التشبيه العملي هو: ما يتسم بواقعيته الحسّية او المعنوية، فعندما يقرر الامام الصادق (عليه السلام) بان المتطهر الذي يأوي الي فراش النوم يصبح فراشه كمسجده: يقدم لنا تشبيهاً واقعياً متجانساً مع الطرف الاخر: المشبه، حيث نجد ان الفراش هو المسجد من حيث تماثلها في الأرضيته، فكلاهما فراش: اي فراش النوم وفراش المسجد، وهذا هو الواقع: كما هو ملاحظ. لكن ينبغي ان نتبين بعد ذلك: النكتة البلاغية في التشبيه المتقدم. فما هي؟
بلاغة الحديث
النكتة هي ان الذاهب الي المسجد لا بدّ وان يكون متطهراً اذا كان ناوياً للصلاة وذكر الله تعالي، واما الذاهب الي فراش النوم، فلا يشترط عليه التطهير: من حيث الالزام.
من هنا فان النكتة هي: ان التشبيه المتقدم يماثل بين المتوضئ الذي مارس واجباً في صلاته وذكر الله تعالي في المسجد وبين من نام متوضئاً، مع ملاحظة ان النائم لا يمارس نشاطاً بدنياً ولفظياً هو: الصلاة والذكر، بل هو ساكن تماماً لا حركة منه ولا وعي، اذن كم هو الفاصل بين نشاط ووعي، وبين نوم وغيبوبة؟
ولكن الاثابة المترتبة علي الموضوعين المتضادين هي واحدة، وهذه هي النكتة أو الاسرار البلاغية الكامنة وراء التشبيه المذكور.