نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): الفتن ثلاث: حبّ النساء، وهو سيف الشيطان.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول احد الدوافع المركبة في الشخصية الا وهو (الدافع الجنسي)، ولكن الدافع الجنسي رسم له الاسلام مبادئ خاصة تنحصر في عملية الزواج الشرعي فحسب، وما عداه يعد حاجة غير مشروعة «فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ»: كما قرّر القرآن الكريم ذلك، ومن ثم فان الامام علياً (عليه السلام) رسم لنا ما يترتب علي الجنس غير المشروع، الا وهو الفتنة، في اشد انماطها ألا وهي حب النساء، والمقصود هنا ليس الحب المشروع بل الرغبة الجنسية غير المشروعة، وقد سماها بـ (سيف الشيطان) ، وهي صورة بلاغية فنية يجدر بنا ان نوضحّها لك في الفقرة الآتية: ان (سيف الشيطان) صورة يطلق عليها في المصطلح البلاغي بـ (الاستعارة)، اي: خلع طابع ظاهرة ما علي ظاهرة اخري، وهي: خلع طابع (السيف) – وهو ظاهرة مادية اي: السلاح، علي طابع شيطاني وهو: ظاهرة غير بشرية، والمهمّ هو: ما ينتج من تلاحم الظاهرتين، متمثلاً في (سيف الشيطان). فماذا نستلهم من الاستعارة المذكورة؟
بلاغة الحديث
من الواضح ان السيف هو سلاح عسكري، وظيفته قطع الرأس، اي: احداث القتل، وقد استخدم الامام هذه الظاهرة دون غيرها ليوضّح لنا مدي ما يتركه الانحراف الجنسي علي الشخصية الا وهو قتلها طبيعياً: ان القتل لا يشترط ان يكون جسدياً، بل ان القتل للروح، أو القتل للمبادئ يجسّد جريمة اشد من القتل الجسدي، لان القتل الروحي هو: المعصية، وهل ثمة شرّ اكثر من مخالفة اوامر الله تعالي؟
والسبب من الوضوح بمكان، وذلك لان الممارسة الجنسية غير المشروعة تتسبب بالأضافة الي الخسار الاخروي: خساراً دنيوياً ايضاً، لانها ممارسة يتعقبها اكثر من مرض نفسي وعصبي، اي: ما تسببها من التوتر والقلق ونحوهما مما يترتب علي الرغبة الجنسية، بالاضافة الي ما يترتب علي ذلك من الامراض التي لا يزال المجتمع غير المتدين في اوروبا وغيرها يعاني من ذلك، فيما لا حاجة الي الاستشهاد بها.