نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): عبد الشهوة، اذلّ من عبد الرقّ.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يشير الي التركيبة الشهوانية عند الشخص، وهي تعني: الميل الي ممارسة شيء ما، والسعي الي اشباع الحاجة المذكورة.
طبيعياً ان الحاجة نمطان في التصور الاسلامي، احدهما مشروع، والآخر محظور، اي: احدهما محرّم والآخر مباح، ولكن حتي المباح اذا تجاوز حد الاشباع المعتدل يتحول الي محظور، وهذا كالحاجة الي الطعام مثلاً، حيث ان الاشباع بقدر الحاجة يظل مشروعاً، واما تجاوز ذلك الي التخمة او الي الشره في الطعام، فيعد اشباعاً مرضياً، اي: مرضاً نفسياً: كما هو واضح.
والأمر كذلك بالنسبة الي سائر الحاجات المباحة، واما الحاجات غير المشروعة اساساً: كالعلاقة الجنسية خارج الزواج فأمر لا يحتاج الي توضيح أنه مرض نفسي كما اشار القرآن الكريم الي ذلك ضمن حديثه عمن في قلبه مرض عند سماعه لمن يخضعن في الكلام.
ان ما نعتزم الاشارة اليه في الحديث المتقدم، وهو: ان عبد الشهوة اذل من عبد الرق يعني: ان الباحث عن اشباع شهوته اكثر من الحاجة أو المنصاع الي الشهوة الممنوعة يصبح ذليلا من اجل اشباعه لهذه الحاجة، بحيث يسفح كرامته، ويعرض نفسه للهوان والإذلال: علي نحو من متصاعد الي شهوته الجنسية، حيث يتعرض للذّل وللاهانة والنبذ الاجتماعي من اجل اشباع شهوته المذكورة.. من هنا، فان الامام علياً (عليه السلام) شبه امثلة هؤلاء بانهم اذلاء اكثر من العبيد، وهو تشبيه فائق يحسن بنا ان نحدثك عنه ببعض الكلام.
بلاغة الحديث
ان العبد المملوك لسيده، يبقي متحسساً بالذلّ لانه اسير بيد مالكه، ولكن المنصاع لشهوته يظل اكثر اسارة او أسراً من العبد، لانه ببساطه يعرض نفسه لذلّ بالغ المدي من اجل اشباع شهوته الي الجنس او المال او الجاه.
واهمية هذا التشبيه تتمثل في المقارنة بين عبد لا قبل له تحرير نفسه من العبودية، وبين حر يدع نفسه بان تسترق من اجل الشهوه، الي درجة انه يضحّي بحريته، بينما العبد لا يملك اساساً حريته، بل هو اسيراً اساساً، علي عكس الحر الذي ينصاع لشهوته مع انه اساساً حرّ، اذن ما اعمق منذ التشبيه بين عبد الرق وعبد الشهوة، بالنحو الذي اوضحناه.