نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله): لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضه ما اعطي كافراً ولا منافقا منها شيئاً.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من الوضوح بمكان، انه يتحدث عن الدنيا وتفاهتها وانعدام قيمتها عند الله تعالي، بحيث لو انها تعدل جناح بعوضه، وهي اتفه الحشرات لما اعطي الكافر والمنافق اي متاع منها، ولكنها مادامت كذالك فليخسا كل كافر ومنافق ومنحرف، انهم يحققون اشباعا عاجلا لا قيمة له حيال الاشباع الخالد في الحياة الاخرة.
اذا هنيئا للمؤمن، حتي لو كابد شدائد الحياة ما دامت دنياه مجسدة لما هو عابر وعاجل واني من الاشباع.
بلاغة الحديث
ان ما ينبغي ان نعرض له من حيث بلاغة الحديث المتقدم هو: انه يمثل صورة نطلق عليها (مصطلح الصورة الفرضية الواقعية) وليس الصورة الفرضية بل القوة، ولعلك تتسائل عن الفارق بين ما هو عملي وما هو بالقوة، حينئذ نجيبك بان الصورة الفرضية بل القوة هي ما تشكل نمط اخر من بلاغة الصورة الفنية هي ما نلاحظه من مقولة الامام علي (عليه السلام) عن الدنيا ايضاً حيث افترضها امراة يقيم الحد عليها حينما قال (لو كنت - اي الدنيا - شخصاً مرئياً لا قمت عليك الحد) ولكل من هاتين الصورتين جماليتها، حيث سنحدثك لاحقا (ان شاء الله) عن الصوره الفرضية التمثيلية التي قدمها الامام علي (عليه السلام) في لقا ء آخر.
واما بالنسبة الي بلاغة الصورة الفرضية التي قدمها النبي (صلى الله عليه وآله)، وهي ذهابه (صلى الله عليه وآله) الي ان الدنيا لو كانت لها اية قيمة حتي قيمة جناح بعوضة لما سقي فيها الكافر او المنافق، فيمكننا ملاحظه بلاغتها علي النحو التي.
ان الاهمية الفنية لهذه الصورظ الفرضية - وهي عملية كما قلنا- تتجسد في كونها تعبيراً يتوكا علي احد اشكال الرمز الذي يستخدم في صياغة الدلالات المعمقه والمترشحه بعدة تأويلات مثل رمز: الشخصيات التاريخية والظواهر الطبيعية، والاحداث والمواقف، وسائر ما تزخر به الحياة من رموز تتصل بما هو مرشح با المعني الثانوي مثل: الطائر، وسائر الحيوانات التي يستخلص منها ما هو الاشر تعبيراً عن هذه الحقيقة او مثلاً انها: جناح البعوضة، حيث يحتل هذا الرمز بكونه قد رمز الي اتفه الحشرات، ورمز الي جناحه والمجسد لجزء منه بخاصة ان الجناح هو العنصر الذي يعتمد الطائر عليه في حركته واشباع حاجاته: كما هو واضح.