نص الحديث
قال الامام السجاد (عليه السلام): ما الدنيا والآخرة الا ككفّتي ميزان ايهما رجح: ذهبت الأخري.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يقارن بين الدنيا والآخرة من حيث الاشباع لحاجات الانسان. طبيعياً، لا قياس البتة بين الاشباع الدنيوي والأخروي بصفة ان الاول محدود وقصير ومنته بينما الاخر غير محدود او طويل وخالد، لكن مع ذلك فان الحديث المتقدم يقارن بينهما من حيث الاشباع العاجل والاشباع الاجل فالذي ينشد الاشباع العاجل سوف يتشبث بمتاع الدنيا، بينما الهادف الي الاشباع الآجل: سوف يتمسك الآخرة، ومعني تمسكه بالاخرة هو: اطاعته لله تعالي، وكسب رضاه ثم الظفر بالجنة.
و بغض النظر عما لاحظناه فان الحديث قدّم لنا شبيهاً طريفاً ودقيقاً سنحدثك عنه بعد قليل ولكن – من حيث الدلالة – نود ان نلفت نظر الي ان الحديث يهدف الي القول بان الدنيا والاخرة لا يتوافقان او لا يجمعان الا لقليل من الناس من جمع الله لهما الدنيا والأخرة ولكن القاعدة او الثابت هو: ان احدهما يضاد الاخر ومن تمسك باحدهما خسر الاخر وهذا ما عبر عنه الحديث بكفنّي الميزان، حيث ان رجحان أحدهما يعني، ذهاب الأخر: كما هو واضح. والمطلوب هو: رجحان الأخرة، لان الدنيا سجن المؤمن، ولان الانسان خلق في كبد ولان طبيعة الاختبار الالهي تتطلب شدة ونبذاً لما هو عاجل.
بلاغة الحديث
ان الحقائق الي ذكرناها الأن تتبلور بوضوح في طبيعة التشبيه البلاغي الذي قدّمه الامام السجاد (عليه السلام) حيث شبه الدنيا والأخرة بكفتي الميزان والنكتة هي: ان الميزان متي رجح يصبح مؤشراً التبادل السليقة اي: ان ما تطلبه يرجح علي ما تقدمه بمعني: ان السلخة هي الراجحة جيال ما تقدمه من الشخص لها وهكذا الاخرة والدنيا فعليك ان تدفع الدنيا ثمنا لتتسلم الاخرة والنكتة الاشد بلاغة هي: ان الحديث لم يصرح باحدي الكفتين التي ينبغي عليك ان ترجحها بل ترك لقارئ الحديث ان يستخلص ذلك وهذا هو احد مبادئ البلاغة حيث يسمح للناس بان يكتشف بنفسه ما هو مطلوب لانه اشد امتناعاً وتذوقاً: كما هو واضح.