نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): من حذرك كمن بشّرك.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم ينطوي علي اسرار بالغة المدي من حيث دلالاته الثرية وطرأ منه. انه يتحدث عن لغة خاصة من الممكن ان الغالبية من الناس لا يستسيغونها لانها في تصورهم القاصر اهانة للشخصية ونعني بذلك: النصيحة أو الكلام النافذ او المحذرالخ، حيث ان الغالبية من الناس قد اعتادت علي تسلّم المدح والمجاملة في تبادل الاحاديث وهو حق في حالة ما اذا كان ذلك في مسار الخير اما في حالة المجاملة او النفاق او المدح الزائف لما هو معصية فان الأمر ينبغي ان يكون عكس ذلك. تري ما هو السر الكامل وراء ذلك؟
من البين ان الشخصية اذا كانت تمارس عملاً سلبياً: كا لكذب او الغيبة او اية معصية اخري، فان الصديق الحق ومن ينصح الشخصية المذكورة بالاقلاع عن ذلك، ويحذرها من العقاب الهي مترتب علي المعصية المذكورة، لذلك فان التحذير او النصيحة المذكورة تضل في صالح الشخصية، لانها ستقلع حينئذ عن المعصية وتكسب رضاه والعكس هو الصحيح، بمعني ان صديقك اذا غض النظر عن معصيتك فهذا يعني انه تخلي عن مساعدتك وسلمك الي عدوك الشيطان.
من هنا جاء الحديث القائل: من حذرك كمن بشّرك مشيراً الي اهمية النصيحة للآخر حتي لو كانت كلاماً فيه، الخشونة او الصراحة.
ولعل اهمية هذا الحديث من حيث طرافته تتجسد في بلاغته التي سنحدثك منها الآن.
بلاغة الحديث
تتجسد بلاغة الحديث المتقدم في انها تعتمد احد اشكال التشبيه وهو ما نطلق عليه بالتشبيه الواقعي حيث ان التشبيه اما ان يكون مجازياً تخيلياً: كما لو شبهت الكلام الخشن بمن لطمك علي خدك حيث لا صلة واقعية بين سلوك لفظي هو الكلام الخشن وبيد سلوك جسمي وهو: اللطم علي الخد.
واما التشبيه الواقعي فهو عكس الحالة السابقة انه يشبه شيئا حادثاً بشيء حادث آخر من حيث اشتراكهما في نمط هذه الحادثة وهذا ما نلاحظه في تشبيه من يحذر عن يبشر فكلاهما سلوك لفظي والطرافة هنا هي: هذا التضاد بين التحذير والتبشير فالتحذير هو كلام سلبي والتبشير هو كلام ايجابي ولكنهما يشتركان في عملية واحدة هي: ان من حذرك من المعصية يشبه كمن بشرك بنتيجة الطاعة حيث تكسب بذلك رضاه في حالة ما اذا التزمت بالحذر من المعصية.