نص الحديث
قال المعصوم (عليه السلام): من اذاع فاحشة كان كمبديها.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، ينطوي على اسرار دلالية وجمالية يجدر بنا ملاحظتها. ترى ماذا تعني هذه العبارة؟
الجواب: ان الفاحشة هي: ممارسة قبيحة قد تكون جنسية وقد نكون غير ذلك، الا ان المهم هو: ان مرتكب الفاحشة اذا كان قد ارتكبها سرا ً فان الضرر عائد الى صاحبها فحسب، ولكن اذا اذيعت (كما لو ان احداً اطلع على هذه الممارسة لدى شخص ما ثم فضحه)، حينئذ فان الاذاعة لهذه الفاحشة لا تختلف في قبحها عن مرتكب الفاحشة ذاته، ونتساءل: ما هو السر الكامن وراء ذلك؟
السر وراء ذلك هو: ان من يصل الى سمعه خبر هذه الفاحشة، من الممكن ان يكون ضعيف الوعي، فتشجعه حينئذ على ان يمارس هو بدوره امثلة هذه الفاحشة، بالاضافة الى ان الفضح نفسه تلويث للمناخ الاجتماعي الذي يحياه الناس، من هنا، شبه المعصوم (عليه السلام) مذيع الفاحشة بمن ارتكبها...
بلاغة الحديث
الحديث المتقدم هو نمط من انماط الصورة التشبيهية، اي التي تتضمن طرفين احدهما يشارك الآخر في سمة من السمات، والتشبيه نمطان احدهما واقعي، والآخر تخيليّ، والواقعي هو: ما يتناول موضوعين يحصلان فعلاً، وهو ما نلاحظه من التشبيه المتقدم، حيث ان المذيع للفاحشة، يتماثل مع مرتكب الفاحشة، لان كليهما يسهم في حدوث الممارسة القبيحة، سواء اكان ذلك في نكات العمل ذاته او في نكات المسؤولية العقابية المترتبة على ذلك، بمعنى ان المرتكب للفاحشة والمذيع لها سوف يطالهما العقاب الالهي على ذلك، وهذا هو سر النكتة الكامنة وراء التشبيه المذكور.