نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): الخُلق الحسن يميت الخطيئة، كما تميت الشمس الجليد.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم ـ من حيث دلالته ـ يشير الى ابرز سمات الشخصية السوّية، الا وهو: الخلق الحسن.
ان علماء النفس طالما يشيرون الى ان الخلق السيء هو افراز لمرض الشخصية بخاصة فيما يتصل بالحقد وبالحسد وبالكراهية، والعكس هو الصحيح تماماً، ويكفي من حيث التصور الاسلامي للشخصية ان الله تعالى وسم النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) بانه صاحب خلق عظيم، وانه لو كان خلقه فظاً لانفض الناس من حوله، والمهم: ان الخلق الحسن هو التعبير عن انسانية الانسان في تعامله مع الآخر، وقد رتب المشرع الاسلامي على حسن الخلق آثاراً ليس في نطاق التجربة الدنيوية فحسب بل انعكاس ذلك على المصير الاخروي للشخصية حيث اشار الى صلة الخلق الحسن بغفران الذنب في اليوم الآخر، وحيث رسم صورة فنية تشبيهية لهذا الموضوع، متمثلة في النص المتقدم، ونعني به: (الخلق الحسن يميت الخطيئة، كما تميت الشمس الجليد)، وهذا الحديث ينطوي ـ من حيث التشبيه ـ على نكات متنوعة، يجدر بنا ملاحظتها.
بلاغة الحديث
ان الطرافة البلاغية في الحديث المذكور، تتجسد في جملة ظواهر، تأتي في مقدمتها ظاهرة (غفران الذنب) من حيث التشبيه بين الشمس وبين الخلق الحسن من جانب، وبين الطرف الآخر الذي يترتب على كل منهما من جانب آخر.
فالتشبيه بين الشمس والخلق الحسن ينطوي على معطيات متنوعة، منها: ان الشمس ذات انارة، ومنها: انها ذات علوّ من حيث الرفعة، ومنها: انها تذيب الجليد وهو يجثم على الجبل او الارض. ان مجرد كونها ذات علوّ يفصح عن علوّ الاخلاق الحسنة، ومجرد كونها منيرة تفصح عن العطاء الجم، ومجرد كونها تذيب الجليد: تفصح عن الفاعلية الكبيرة في أثرها حيث لا تدع الاخلاق الحسنة اثراً للذنب الثقيل على الانسان، بيد ان النكتة الاشد اثارة هي: ان اذابة الجليد لا تزيل السائل المذاب بل تذيب جموده، وكذلك الخلق الحسن لا يعني: انه يزيل الذنب تماماً بل يخففه الى درجة تحوله الى ما يشبه السائل من حيث الآثار المترتبة عليه، وبهذا تكون الطرافة هنا متمثلة في اسهام الخلق الحسن في تعديل الشخصية، ومن ثم في تسببها لمنع صدور الذنب في نهاية المطاف، وهو المطلوب.