إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تحايانا القلبيّة نبعثها لحضراتكم وأمنياتنا الطيّبة لكم أينما كنتم ، ونحن يغمرنا السرور لمعاودة اللقاء بكم عبر قضيّة أخري من القضايا التي تهمّ الشباب من خلال برنامجكم نبض الحياة الذي سنخصص حلقته لهذا الأسبوع للتطرّق إلي موضوع النجاح وأسراره ودوره في حياة الشباب ، كونوا معنا ....
مستمعينا الأكارم !
سأل شاب صغير سقراط عن سر النجاح , فطلب منه أن يلتقي به بالقرب من النهر صباح اليوم التالي ، وكان اللقاء وطلب سقراط من الشاب ان يتبادلا اطراف الحديث بينما يخوضان معاً مياه النهر. وعندما بلغ الماء منهما العنق فاجأ سقراط الفتى ودفعه تحت الماء واجتهد الفتى للخروج ، ولكن سقراط كان قوياً وأبقاه في الماء وعندما بدأ لون الفتى يتحوّل الى الزرقة بسبب الاختناق رفع سقراط رأس الفتى من الماء وكان أول ما فعله الفتى بعد ان خرج من الماء هو اللهاث وأخذ نفس عميق .
وهنا سأله سقراط : ماالذي كنت تحتاج اليه أكثر من أي شئ آخر تحت الماء ؟ فأجاب الفتى : الهواء فقال سقراط : هذا هو سر النجاح .فعندما تجد في نفسك حاجة ملحة ورغبة عارمة في النجاح بالقدر الذي شعرت فيه بحاجة ماسة للهواء تحت الماء ، سيتحقق لك هذا النجاح ولا يوجد سر آخر للنجاح " .
وهكذا – إخوتنا المستمعين - فإن الأشخاص الحريصين والمتشوّقين إلي تحقّق مايريدونه هم الأشخاص الناجحون في الحياة ؛ فهم لا يقفون مكتوفي الأيدي حتي تثير قوّة من الخارج شوقَهم بل إنهم يتشوّقون بناء علي رغبتهم وإرادتهم ؛ وهو ينمّون الشعور بالواجب والمسؤوليّة في أنفسهم كي يتوقّد لهيب شوقهم . وهم يعملون أكثر ممّا يُتوقَّع منهم ويسعون لأن يقوموا بكل عمل علي نحو ممتاز لأنهم يرون أن العمل الذي ينجز اليوم كما ينبغي ، سيكون حجر الأساس في العمل الجيّد للغد ؛ فالعمل الذي ينجز بإتقان يثير الشوق والرغبة .
مستمعينا الأفاضل !
وللنجاح معايير وبإمكان كل شاب أن يحقق الأهداف التي يطمح إليها إذا ما التزم بتلك المعايير . و النجاح في الامتحانات النهائيّة والفوز في المجالات الرياضيّة و الحصول علي العمل المناسب والزواج الناجح كلّ ذلك يمثّل مطامح كبيرة تشغل أذهان الشباب وقد تجعلهم يواجهون أحياناً الكثير من المشاكل . وبالطبع فإن ممّا لا يخفي علي أحد أن من غير الممكن أن نتذوّق طعم النجاح ونحقّقه إلّا في ظل الثقة بالنفس والسعي الجدّي والحثيث .
وفي الحقيقة فإن الكثير من الأسر و المتخصّصين في الشؤون التربويّة حريصون علي أن يعلموا كيف يوجّهون الشباب نحو النجاح والأهداف السامية ، وقد جاء في توصية الخبراء أن علينا الالتفات في الغالب إلي الجوانب الإيجابيّة في حياة الشباب . ويجب أن تنظَّم العلاقة مع الجيل الشاب والتواصل معه بشكل بحيث يشعرون بأنهم ناجحون في جانب أو مجال ما وأنهم يتمتّعون بصفة ايجابيّة وحميدة .
وللإرادة دور مدهش في هذا المجال . فعلي الشباب أن يؤمنوا بدورهم ويعتبروا عاملَ الإرادة الصانعَ للذات وللشخصيّة أكثر بروزاً من العوامل الأخري . ومن جهة أخري ، فإن من الضروري للغاية ومن أجل المحافظة علي التوازن الروحي والفكري للشباب ، أن يتمّ إقناعهم بأن يأخذوا بنظر الاعتبار عوامل الفشل المحتملة إلي جانب عوامل النجاح وينظروا وفق هذه الرؤية إلي حاضر الحياة ومستقبلها كي يمتلكوا بذلك الاستعداد الأوّلي لتقبّل الفشل فيما إذا وصلوا إلي طريق مسدود .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
أنتم معنا عبر برنامج نبض الحياة وحديثنا يدور حول النجاح وأسراره ودوره في حياة الشباب، ونواصل حديثنا هذا بالقول إن من أركان تحقيق النجاح، الرؤيةَ المستقبليّة. والشباب الذين يريدون إعداد أنفسهم لقبول مسؤوليّات المستقبل، عليهم أن لا يتوقّفوا عند شؤون حياتهم اليوميّة وذلك من خلال دراسة الأمور والاستشارة والعلم والرؤية الأفضل والأكثر وضوحاً وأن يخطوا خطوات أوسع وأسرع من أجل الحصول علي غد واضح ومؤثّر و مشجّع . وأعقل الناس من وجهة نظر أولياء الدين هو الشخص الذي يأخذ عواقب الأمور بنظر الاعتبار أكثر من الآخرين .
ومن الواجب تعريف الشاب بمرارات الحياة ومصاعبها وعدم لومه وتقريعه بسبب النواقص ومظاهر الفشل في حياته . فالفشل بالنسبة إلي الشباب، لايعني أبداً فقدان كل الفرص ، لأن القوّة المحرّكة التي تظهر في الإنسان علي أثر مواجهة المشاق والصعوبات ، أفضل بكثير من الشعور الذي يعتري الإنسان في ظلّ النجاح . وبعبارة أخري، فإنّ الفشل والإخفاق يُظهِران النبوغ و تغطّي عليها مظاهرُ السعادة .
إنّ تعزيز الروح المعنويّة والإيمان لدي الشباب هو من مستلزمات بلوغ الهدف والثبات في القيام بالعمل . ولاينبغي أن نغفل ولو للحظة واحدة عن أن كل الخير من جانب الله . والشباب الذين يعتبرون من خلال التوكل علي الله كلَّ نجاحاتهم مصدرها الذات المقدّسة للخالق تعالي ويوثّقون ارتباطهم المعنوي عبر التوسّل بأولياء الدين و الزعماء الإلهيين ، لاشك في أنهم سيجدون أنفسهم متصلين ببحر لا نهاية له من الأمل والإيمان والاطمئنان و سيواصلون سعيهم وجهدهم في ظل هذا الينبوع من الفيض .
وقد نشرت في مجلة HPR مقالة جاء فيها أن الباحثين في جامعة هارفارد أثبتوا أن الأشخاص المثابرين والخالقين لفرص العمل يشعرون بالمزيد من القرب إلي الله تعالي ، لأنهم يشقّون طريقاً ما ويتيحون للآخرين فرصة الاستفادة منه ، كما أنهم يتقبّلون نسبة أكبر من المغامرة ، فيزداد بذلك وبشكل تلقائي توكّلهم علي الله .
أحبّتنا المستمعين !
في ختام حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامجكم نبض الحياة لايسعنا إلّا أن نتقدّم لكم بكل شكرنا وتقديرنا علي كرم المتابعة ، وحتّي يجمعنا اللقاء بحضراتكم عند موضوع آخر من المواضيع التي تهمّ الشباب ، تقبّلوا تحيّاتنا ، وإلي الملتقي ...