إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تحايانا القلبيّة نبعثها لحضراتكم في هذا اللقاء الذي يسرّنا أن يتجدّد معكم عبر برنامجكم نبض الحياة حيث القضايا التي تهمّ الشباب نطرحها و نعكس الرؤية الإسلاميّة بشأنها ، ندعوكم للمتابعـــة ....
مستمعينا الأفاضل !
سنتعرّف في هذه المحطّة من البرنامج علي دور الصلاة في تربية الشباب و خَلق القيم المعنوية والروحية في حياتهم ، وذلك بعد أن تحدّثنا في لقائنا المنصرم عن الشباب والجوانب المعنوية والروحية في الحياة ، وفي هذه الحلقة سنركّز الحديث علي العلاقة بين الشاب والصلاة التي تمثّل مصداقاً بارزاً للجانب المعنوي من حياة الإنسان ، تابعونا شاكرين لكم سلفاً طيب متابعتكم لنا ...
أعزّتنا المستمعين !
توصّل الإنسان المعاصر في الغرب إلي هذه النتيجة وهي أن الحياة المفرغة من القيم المعنويّة والروحيّة تسلب من الإنسان اللذة والسعادة الدائمة و تشيع حالة الفتور والملل في حياته . والإحصائيات المرتفعة لمعدلات الجريمة والمفاسد الأخلاقية والجنسية و انهيار وتشتت نظام الأسرة والعدد الكبير للمراهقين والشباب المشرّدين والمنبوذين من قبل المجتمع والأسرة و إقبالهم علي المخدّرات والمشروبات الكحولية و أقراص الهلوسة وغير ذلك ، كل ذلك ليدلّ علي الفوضي الأخلاقية التي تعمّ العالم الغربي حتي سقط الشباب و الأحداث في هاوية الانحراف . وهنا تتضح جيّداً حاجة الشباب إلي القيم المعنوية والروحية وخاصة الصلاة .
والصلاة هي من العبادات التي تقود البشرية نحو مكارم الأخلاق والفضائل و تعرّفهم علي روح التوحيد . و الحياة من دون الصلاة هي كالأرض التي لاتشرق عليها الشمس وكالبيت الخالي من الضياء والحياة . ومَن يقبل علي الصلاة فإنه يحصل علي ثروة خالدة ومَن يغفل عنها ، سيظلّ طريقه إلي الهدي والسعادة . ولقد عبق العالم بعطر التوحيد وذكر الله بفضل هذا الارتباط والاطمئنان الروحي الذي أشاعه الأنبياء عليهم السلام .
ويري علماء النفس أن المشاعر والأحاسيس الدينية والميول الإيمانيّة والأخلاقيّة تتفتّح وتزدهر في عهد البلوغ والشباب . يقول الباحث موريس ديبس الذي أجري الكثير من الدراسات في مجال علم النفس :
نلاحظ في أوقات البلوغ والحداثة نوعاً من اليقظة الدينية لدي الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن التزموا بالقضايا الدينية . وهذا التغيّر في الحالة هو جزء من نموّ شخصيّة الشاب .
ثم يضيف موريس قائلاً :
يخضع الشباب في حوالي الخامسة عشرة وحتي السابعة عشرة لتأثير نداء القدسيّة أو الشجاعة . وهم يتمنّون في هذه الفترة أن يبنوا العالم من جديد ، وأن يقضوا علي الشرّ و ينشروا العدالة المطلقة .
مستمعينا الأطايب !
ويعتبر الاضطراب الفكري و التوتر النفسي من الأمراض التي يصاب بها الشباب . ويسعي الباحثون النفسيّون والعلماء إلي أن يجدوا طرقاً من أجل أن يحدّوا من التشتت الفكري للجيل الشاب و إشاعة الاطمئنان في فكرهم وروحهم .
والصلاة مفتاح باب الرحمة الإلهية وهي تتمتع بما لا يحصي من الفوائد المعنوية . ومن فوائد الأنس بالصلاة ، أنها تجلو ذهن الأنسان وقلبه و تنقّي وتضيء ذاته . فهو يتمرّن في الصلاة علي التركيز عدّة مرّات ويسعي في كلّ مرّة لأن يربط نفسه وروحه بالمعبود . وهكذا ، فإن الشاب المصلّي يجد في نفسه القدرة علي أن يركّز ويشحذ قواه الذهنية في قضايا الحياة الأخري .
وهناك ثلاثة عناصر أساسية لها دور رئيس في ميل الشباب والأحداث إلي الصلاة وهي البيت و المدرسة ووسائل الإعلام . والتربية ليست مجرّد انتقال المعلومات ، بل هي تغيير في طبيعة الفرد ورؤيته للعالم و هذه العمليّة بحاجة إلي تمهيد مناسب . ووجود الدافع ضروري لتربية الروح الدينية بين الأحداث والشباب و ما يتمتع بأهمية في نشر ثقافة الصلاة هو ترسيخ الروح المعنويّة للصلاة في أعماق القلب . ويجب الالتفات إلي أن المعتقدات الدينية وخاصة الصلاة لا تنفذ في قلب الشاب إلّا إذا اقترنت بالإحساس باللذة و الإعجاب .
يقول نبي الإسلام (ص) :
" أحبّ الأعمال إلى الله أدومُها وإن قلّ .
ويقول عالم النفس البريطاني سيرل بريت :
بإمكاننا من خلال الصلاة والدعاء أن ندخل منجماً كبيراً من النشاط العقلي الذي لا يمكن أن نحصل عليه في الظروف العادية .
مستمعينا الأكارم !
مازلتم تتابعونا عبر برنامج نبض الحياة وموضوع حلقتنا طبيعة العلاقة بين الشباب والممارسات العباديّة وعلي رأسها الصلاة ، حيث يري كبار علماء الأخلاق أن كل عمل خير لا يترك أثراً إيجابياً في الإنسان إلّا إذا كان مستمرّاً .والصلاة بدورها هي توجّه مستمر نحو الله وهي تحول دون الغفلة والغرور و انغماس الإنسان في الشهوات والأهواء النفسيّة و هي تحيي قلوب المصلّين بذكر الله . وعلي هذا فإن أدينا الصلاة كما ينبغي و أقمنا العلاقة مع الخالق تعالي بشكل مستمر من خلال الصلاة فإننا سندرك تأثيراتها البنّاءة .
ويروي في هذا المجال أن شاباً في عهد النبي (ص) كان قد ظلّ الطريق وارتكب الكثير من الذنوب ، ولكنه مع ذلك كان يأتي المسجد كلّ يوم و يؤدّي الصلاة جماعة . وفي ذات يوم بدا الغضب علي أصحاب النبي (ص) لمجيء هذا الشاب إلي المسجد وطلبوا من النبي (ص) أن يمنعه من دخول المسجد . ولكن النبي (ص) لم يعجبه طلبُ الأصحاب هذا وبدا عليه الانزعاج منه مؤكداً عليهم أن صلاة هذا الشباب ستنجيه ذات يوم من وبال ذنوبه .
إن الأحاسيس الدينية تقترن بنوع من الاطمئنان واللذة الداخلية و الكثير من الشباب متعطّشون بشكل طبيعي لهذا النوع من الأحاسيس . وبالطبع فإن اللذات المعنوية والدينية ، تختلف عن اللذائذ الأخري في الحياة ؛ فعندما ينال الشخص هدفه في اللذّات العادية ، يحدث فيه نوع من انعدام الرغبة و اللامبالاة ، ولكن الإنسان لا يشعر أبداً بالشبع من اللذات الروحية والمعنوية .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
انتظرونا في حلقتنا المقبلة من برنامج نبض الحياة عند قضية أخري من القضايا التي تلعب دوراً هاماً في حياة الشباب ، حتي ذلك الحين نترككم في رعاية الخالق تعالي ، وإلي الملتقي