أحبّتنا المستمعين في كلّ مكان !
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات ، يسرّنا أن نجدّد اللقاء بحضراتكم عبر محطّة أخري من برنامجكم نبض الحياة الذي يهتم بطرح قضايا الشباب ومعالجتها وفق الرؤية الإسلامية ومن خلال تقصّي وجهات نظر علماء الاجتماع في هذا المجال ، آملين أن تمضوا معنا أوقاتاً مفعمة بكل ما هو مفيد وممتع ....
مستمعينا الأكارم !
كان حديثنا في الحلقة الماضية من البرنامج يدور حول الشباب والأسلوب الأمثل لقضاء أوقات الفراغ حيث سنكمل الحديث في هذه الحلقة حول هذا الموضوع ومن ثم نعرّج علي موضوع آخر لايقل أهمية عن أوقات الفراغ في بناء شخصية الشاب ألا وهو الصداقة والأصدقاء ، ندعوكم للمتابعـــة ...
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
إذا ما لم نحدّد النتائج الإيجابية لممارسة الرياضة في تربية الجسم ، فإن الرياضيين الشباب يكتسبون فضلاً عن ذلك روحاً سليمة ونزيهة تحول بينهم وبين الانغماس في اللذات والشهوات اللامعقولة . ومثل هؤلاء الشباب لايعانون من الكآبة والخمول من الناحية الروحيّة ويتمتعون بالكثير من الحماس و حيوية الشباب ونشاطه . وهم المصداق للمقولة الشهيرة العقل السليم في الجسم السليم .
وتعتبر التمارين والألعاب الرياضية التقليدية والتاريخية في إيران ، النموذج البارز لهذا النوع من الرياضة . حيث يتم في هذه الألعاب ترسيخُ روح الشهامة والنخوة و الكرم بالإضافة إلي التمارين الجسدية . و أبطال هذه الألعاب هم أمناء الناس وموضع ثقتهم وهم يتمتعون بإرادة قوية وشجاعة فائقة فضلاً عن الجسم القوي .
ويعتبر سماحة قائد الثورة الإسلامية " حفظه الله ورعاه " الرياضة وسلامة الجسم حاجة ضرورية و يطالب الشباب قائلاً :
أطالب الشباب الذين يميلون إلي الرياضة ويتمتعون بالاستعداد للرياضة أطالبهم بأن ينظروا بعين الجد إلي هذا الشعور بالمقدرة لديهم . وعلي الجيل الشاب أن يؤمّن استعداده الجسمي إلي جانب الإنجازات المعنوية و الفكرية و المكاسب الأخري التي أهدتها الثورة لنا . فالسلامة الجسمية والقدرة البدنية شيء ضروري وواجب للرجال الذين هم من أهل المعني والقيم المعنوية والروحية و هو مفيد للغاية و يسهم في تطوير حياتهم إلي حدّ كبير .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
في هذه الفقرة من برنامجكم نبض الحياة نتطرّق إلي موضوع آخر يعدّ من القضايا الهامة والبالغة الحسّاسية في حياة الشباب وتعيين مصيرهم ، وهو الأسلوب الأمثل للعثور علي الأصدقاء وأهميتهم في مرحلة الشباب.
والسؤال المهم الذي يتبادر إلي الأذهان في هذا المجال هو : لماذا يحتاج الإنسان إلي معاشرة الصديق؟ هل سبب ذلك أنه كائن اجتماعي أم لأنه يرغب من خلال المعاشرة في أن يكتسب الرؤية إلي الحياة و المعرفة الاجتماعية؟
إن الشباب يميلون إلي إقامة علاقات الصداقة مع الآخرين لسببين : الأول أنهم يريدون أن تكون لهم مكانة بين أبناء عمرهم كي يتغلّبوا من خلال ذلك علي الشعور بالوحدة لديهم ومن جهة أخري فإن بإمكان الشاب أن يعبّر عن نفسه ويعلن عن وجوده في حلقة علاقات الصداقة و يجسّد جانباً من قدراته .
ومن العوامل المؤثّرة في حياة الشباب ومصيرهم ، الصداقةُ وتآلف القلوب . فكل شاب طالب للكمال ، عليه أن يكون دقيقاً في اختيار الصديق من أجل اجتياز مراحل نموّه و اكتسابه لشخصيته . وكما أن الإنسان يهتم بالأمور المادية مثل شراء الملابس ، فإن عليه أن يكون دقيقاً بنفس المقدار في اختيار الصديق ؛ ففضلاً عن أن الصديق يعكس الشخصية الظاهرية للإنسان كما هو حال الثوب ، فإن له الكثير من الآثار العميقة والخفية في وجود الإنسان حيث أولت الروايات الكثير من الاهتمام لهذا الموضوع .
و اختبار الصديق قبل إقامة الصداقة معه و الالتزام بحدود الصداقة بعد ذلك والالتفات إلي الخصائص الإيجابية للصديق ، كلّ ذلك هو من الحالات التي أكّدت وشدّدت عليها التعاليم الإسلامية . و يروي لنا القرآن الكريم لسان حال الأشخاص الذين الذين لم يعيروا أهمية لمعايير اختيار الصديق في قوله :
" يا وَيْلَتي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانا خَلِيلاً . (الفرقان: ۲۸)
أعزّتنا المستمعين !
إن كل إنسان بحاجة دوماً في فترة حياته إلي معاشرة الآخرين و صداقتهم وكما أنه يشعر بالفرح و التفاؤل لامتلاكه الصديقَ النموذجي ، فإنه يعاني من الوحدة و يعتريه الانزعاج بسبب عدم امتلاكه للجليس الصالح والمناسب . وقد يتسرع بعض الأشخاص في اتخاذ القرار علي أثر عدم الاهتمام و عدم امتلاك الرؤية الصحيحة فيما يتعلق بهذا الموضوع ، حينما يقفون في مفترق الطرق وقد يكونون السبب في سقوطهم إثر ارتكاب خطأ يبدو بسيطاً . وبناء علي ذلك ، فإن التمتع بالمعرفة الصحيحة و الاهتمام الكافي بموضوع الاختيار ، من المستلزمات الرئيسة للنجاح في شؤون الحياة المختلفة . وإلي ذلك فإن علي الشباب أن يجهّزوا أنفسهم بسلاح التفكير في عواقب الأمور وأن يدرسوا جوانب الموضوع المختلفة ثم يختاروا حينئذ طريق السعادة بكامل الجدّية وذلك من أجل ضمان اختيار صحيح .
وقد أوصي أمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه الحارث الهمداني قائلاً :
" وَاحْذَرْ صَحَابَةَ مَنْ يَفِيلُ رَأْيَهُ، وَيُنْكَرُ عَمَلُهُ، فَإِنَّ الصَّاحِبَ مَعْتَبَرٌ بِصَاحِبِهِ
وهكذا فإن الشباب يتأثرون بسهولة بأصدقائهم كما يقيمون علاقات الصداقة مع الآخرين بكل بساطة . ولذلك ، فإنهم يتعرضون بسبب ذلك لأضرار كبيرة . ومعظم الصداقات التي تتم من دون معرفة ، تؤدي إلي الندم والفشل في الحياة الفردية والاجتماعية . يقول الإمام علي (ع) :
" مَنِ اتَّخَدَ أَخاً مَنْ غَيْرِ اخْتِبارٍ أَلْجَأَهُ الاِضْطِرارُ إِلي مُرافَقَةِ الأَشْرارٍ.
ويقول سلام الله عليه فيما يتعلق بتأثير أصدقاء السوء علي الإنسان :
" لاتَصْحَبِ الشَّرِيرَ فَإِنَّ طَبْعَكَ يَسْرِقُ مِنْ طَبْعِهِ شَرّاً وَ أَنْتَ لاتَعْلَم.
وعلي أي حال فإن علينا الالتفات إلي أن الصداقة هي عامل قوي في تحديد مكانة الإنسان الاجتماعية ومصيره .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات ! حديثنا حول الصداقة " ودورها في بناء شخصية الشاب والرؤية الإسلامية بشأنها علي ضوء الأحاديث والروايات ، سيتواصل بإذن الله في لقائنا القادم من برنامجكم نبض الحياة " ، في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلّا أن نقدّم لكم خالص شكرنا وتقديرنا علي طيب متابعتكم ، وإلي الملتقي
.