أجمل التحايا ، وأطيب الأماني نبعثها إليكم – إخوتنا ، أخواتنا المستمعين الأفاضل – في هذا اللقاء الجديد الذي يسرّنا أن يجمعنا بحضراتكم ضمن حلقات برنامجكم نبض الحياة ، ندعوكم لمتابعتنا ...
مستمعينا الأكارم !
سنسلّط الضوء في هذه الحلقة من البرنامج علي دور الرياضة في حياة الشباب ، والثمار والنتائج التي تتمخّض عنها ، وذلك بعد أن تحدّثنا في حلقة البرنامج المنصرمة عن أوقات الفراغ والطريقة المثلي لاستغلالها علي ضوء توصيات النبي (ص) والأئمة الأطهار عليهم السلام .
مستمعينا الأحبّة !
حينما نقرأ بين الحين والآخر الأخبار أو نستمع إليها ، تطالعنا الأخبار السارّة بشأن انتصارات الشباب في المسابقات الرياضية علي الصعيد الدولي . فالشباب الصانعون للمفاخر والملاحم والأقوياء و الناشطون يحققون الانتصارات لبلدانهم في مناطق العالم المختلفة من خلال مشاركاتهم في الساحات الرياضية العالمية . ولاشك في أن وجود شباب أباة وناجحين يضخ الأمل في القلوب و يضفي الحماس علي حياة مجتمعاتهم .
يقول سماحة قائد الثورة الإسلامية ( حفظه الله ورعاه ) في هذا المجال :
لقد استطاع شبابنا أن بكونوا مدعاة لافتخار جمهورية إيران الإسلامية في المجالات الرياضية المختلفة علي صعيد العالم ، وأنا أقدّم شكري إلي كل الشباب الأبطال والرياضيين ومدرّبيهم ، حيث رفعوا اسم إيران الإسلامية العزيزة في الساحات الرياضية العالمية علي رغم المستكبرين و رفعوا راية جمهورية إيران الإسلامية عالية وخفّاقة أمام الجميع .
وفي الحقيقة فإن الرياضة ظاهرة اجتماعية مهمّة لها أبعاد مختلفة . والتعقيد المتزايد يوماً بعد آخر للرياضة وأدوارها المختلفة تدعونا إلي المزيد من التوقّف عندها . و قد تحوّلت الرياضة اليوم في الساحة العالمية إلي ظاهرة بحيث لو اعتبرنا دورها في صحة الجسم أبسط نتائجها ، فإننا لا نكون قد بالغنا في ذلك . ويري علماء الاجتماع أن الرياضة يمكن استغلالها في ظل ظروف العصر هذه وازدياد ساعات الفراغ،باعتبارها وسيلة مطلوبة لتأمين الترفيه البريء و تجديد قوي أفراد المجتمع .
أحبّتنا المستمعين !
والرياضة هي من الأنشطة المهمة التي يقبل عليها الشباب وهي تجعلهم ناجحين في إشباع حاجاتهم . كما يري المتخصّصون أن الكثير من المباديء التربوية يمكن إيصالها إلي الشباب بشكل أفضل من خلال التمارين الرياضية المناسبة ، وفي هذا المجال يتلقّي الشباب المزيد من التأثير بأضعاف مضاعفة . كما يري علماء الاجتماع أن الخدمة الأكبر التي يمكن للرياضة أن تقدّمها للشباب ، هي صيانته وحفظهم من الآفات الاجتماعيةوتنقية أجواء المجتمع ولكن لا في الجهل وإنما في كامل الوعي .
ونشاط الروح و المحافظة علي الحيوية وسلامة الجسم وعنفوان الشباب ، و استعادة القوة البدنية كل ذلك يتحقق من خلال الرياضة . والرياضة من وسائل الترفيه البريئة وتلعب بعض الرياضات مثل المصارعة دوراً في تعزيز روح المروءة والشجاعة و وإحقاق الحق ومحاربة الظلم. كما أن رياضات من مثل السباحة والرمي وركوب الخيل من شأنها أن تزيد من مقاومة الجسم والروح أمام ظروف الحياة الصعبة والآفات الاجتماعيّة وتجعل الشاب سليم البنية و تعدّ جسمه للقتال والدفاع . وقد اعتبر نبينا الأعظم (ص) تقوية الجسم سبباً في السعادة وأثني علي الرياضات المذكورة ، ومنها الرماية قائلاً :
" عَلَيكُم بِالرَّميِ فَإنَّهُ مِن خَيرِ لَهوِكُم .
ومرحلة الشباب هي مرحلة نمو المواهب وازدهارها حيث تبلغ قدرات الإنسان في هذه المرحلة من الحياة الكمالَ والنضج اللازمين . ولايمكن إنكار القدرة الجسمية للشباب وجميع المجتمعات و شعوب العالم تري وتدرك أن الشباب أقوي من الأطفال والمسنّين . ومع ذلك ، فإن الموضوع الهام هو كيفية استغلال طاقة الشباب و تحديد الوجهة التي ينبغي توظيف تلك القدرة الجسمية فيها .
ولقد بيّن الإسلام للشاب الطرق الصحيحة لاستغلال قدرته الجسمية . والقرآن الكريم يذكر لنا أن سبب اختيار طالوت لقيادة بني إسرائيل عسكرياً ، قوّته الجسمية ، حيث يقول في هذا الصدد :
" وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًۭا قَالُوٓا۟ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةًۭ مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُۥ بَسْطَةًۭ فِى ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِى مُلْكَهُۥ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌۭ (البقرة : ۲٤۷)
فقد كان طالوت من الناحية الجسمية رجلاً طويل القامة وقويّاً و متناسق الجسم كما كان من الناحية الروحيّة عالماً و مدبّراً ومتمتّعاً بالذكاء والفطنة . وهذه القدرة الجسميّة والروحية لطالوت ، كانت السبب في اختياره قائداً علي بني إسرائيل حيث أبدي كفاءته خلال مدّة قصيرة . وعلي أي حال فإن القدرة الجسمية هي من الخصوصيات الواضحة للشاب وعليه أن يدرك قيمتها و يوظفها في المسار الصحيح .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
وحينما نستعرض تاريخ الدعوة الإسلاميّة ، نجد أن رسول الله (ص) أعاد الفتيان الذين كانت تقلّ أعمارهم عن خمسة عشر عاماً إلي المدينة . بل إنه أمر سَمُرة بن جندب و ورافع بن خديج بالعودة رغم أنهما كانا في الخامسة عشرة .ولكنه حينما بلغه أن رافعاً رامٍ ماهر وأن سُمَرة كان مصارعاً قويّاً ، فقد سمح لهما كليهما بالمشاركة في الحرب .
وكان النبي (ص) يقيم المسابقات بين الحين والآخر بهدف تعزيز روح المروءة والنخوة والغيرة لدي الشباب . ومن جملة ذلك ، ماحدث عند رجوع المسلمين من غزوة تبوك ؛ فقد أقام مسابقة في الفروسيّة ووضع ناقته تحت تصرّف أسامة . فسبق أسامة بن زيد الجميع بفضل ناقة النبي (ص) المعروفة الغضباء . وكان الناس يشجعونه لأنه كان يركب ناقة النبي (ص) ويهتفون بفوز النبي (ص) .ولكن النبي (ص) أعلن عن فوز أسامة ذاكراً إيّاه بالاسم .
وكان رسول الله (ص) يولي الأهميّة للأبطال والمتفوّقين في قدرتهم البدنية في المجال الأخلاقي والروحي أيضاً وكان يشجّع أصحابه عند التحكيم في المسابقات علي أن يكونوا أبطالاً في الفضائل الأخلاقيّة أيضاً . وقد روي أن النبي (ص) مرّ ذات يوم بحيّ في المدينة كانت فيه مجموعة من الشباب تستعرض قوّتها من خلال رفع صخرة كبيرة ، وكانت هذه المسابقة بحاجة إلي حَكَم ، وما ان رأي الشباب النبي الأعظم (ص) حتي طلبوا منه أن يحكّم بينهم ، فقبل(ص)،ثم قال في نهاية المسابقة:
" اَلا اُخبِرُ كُم بِاَشَدِّكُم وَ اَقواكُم؟ قالوا: بَلى، يا رَسولَ اللّه. قالَ: اَشَدُّكُم وَ اَقواكُمُ الَّذى اِذا رَضىَ لَم يُدخِلهُ رِضاهُ فى اِثمٍ وَ لا باطِلٍ وَ اِذا سَخِط لَم يُخرِجهُ سَخَطُهُ مِن قَولِ الحَقِّ وَ اِذا قَدَرَ لَم يَتَعاطَ مالَيسَ لَه بِحَقٍّ .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
عن الرياضة ودورها في حياة الشباب ملء أوقات فراغهم ، سنواصل الحديث في حلقتنا القادمة بإذن الله من برنامج نبض الحياة ، نشكركم علي كرم المتابعة ، وكونوا في انتظارنا .