أحبتنا المستمعين الأفاضل في كل مكان !
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات ، وكل المراحب بكم ونحن نعاود اللقاء بكم عبر محطة أخرى من برنامجكم الذي يقدمه لحضراتكم القسم الثقافي والاجتماعي في إذاعة طهران العربية ، صوت الجمهورية الإسلامية في إيران ...
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
نتوصّل من الموضوع الذي سبق وأن طرحناه في الحلقة الماضية من البرنامج حول خصوصية البحث عن الحقيقة المتأصلة في الشباب ، إلى أن الطريق الوحيد لبلوغ العمل هو المعرفة ، و التساؤل هو المفتاح إلى هذه المعرفة . فالبعض من الشباب يرغب في الاطلاع على المسائل الدينية وغيرها ، ولكن الخجل والحياء قد يمنعانهم من ذلك . وبالطبع فإن الخجل والحياء مطلوبان في موضعهما المناسب ، ولكن لا على حساب جهل الإنسان ؛ فمثل هذا الحياء يعتبر حياء مضراً وغير محمود . وبالتالي فإن على الشباب أن يطرحوا أسئلتهم كلما دعتهم الحاجة إلى المعرفة والعلم كي يعلموا ويكونوا عاملين بعلمهم ليبلغوا السعادة بذلك .
ولقد كان أمير المؤمنين علي (ع) يدعو الناس إلى السؤال كما كانت سيرة النبي (ص) ، فقد عُرف عنه أنه كان يخاطب الناس من على منبره قائلاً :
" سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّي بطرق السّماء اعلم منّي بطرق الأرض .
والإمام علي عليه السلام خبير بروح البحث عن الحقيقة لدى الشاب ويعلم أنه لايرغب تقليد ما فعله الآخرون واختيار الطريق الذي سلكوه . ولذلك يقول سلام الله عليه في وصيته لولده الإمام الحسن (ع) :
" وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَ ى اللَّهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالْأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْهِ الْأوَلونَ مِنْ آبَائِكَ وَالصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ نَظَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا أَنْتَ نَاظِرٌ وَفَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ ثُمَّ رَدَّهُمْ آخِرُ ذَلِكَ إِلَى الْأَخْذِ بِمَا عَرَفُوا وَالْإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ كَمَا عَلِمُوا فَلْيَكُنْ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَفَهُّمٍ وَ تَعَلُّمٍ لَا بِتَوَرُّطِ الشُّبُهَاتِ وَعُلَقِ الْخُصُومَاتِ... .
مستمعينا الأحبة !
وفي الحقيقة فإن أمير المؤمنين ومن خلال فهمه لنفسية الشباب ، لا يمنعهم من المعرفة فحسب بل يطلب من الشاب أن يلتفت إلى ملاحظتين وهو في طريق اكتساب التجارب ؛ الأولى أن يتخذ من الفهم أساساً في البحث ، والأخرى أن يرفع يد حاجته نحو الله الغني ، فيقول عليه السلام :
" وابدأ قبل نظرك من ذلك بالاستعانة بإلهك .
فالطريق محفوف بالمخاطر ، والبحث مقرون بالخطر وليس من الضروري أن يسلك كل شخص هذا الطريق بسهولة ويخرج منه منتصراً . وعلى هذا فإن مسالك البحث صعبة ووعرة و أسوارها شاهقة وخطيرة .
وهكذا فإن التطلع نحو الحقيقة والبحث عنها في عهد الشباب هما نعمة وفرصة يمكن للإنسان في ضوئها أن يجد الطريق الأفضل لمواصلة حياته . وفي الحقيقة فإن الشاب يمكنه - مع أخذ هذه الصفة بعين الاعتبار - أن يختار في السنوات الأولى من حياته الاجتماعية السعادة أو الشقاء في حياته . وعلى هذا الأساس يطلب سماحة قائد الثورة الإسلامية حفظه الله ورعاه مخاطباً الشباب في أوروبا و أمريكا الشمالية أن يستغلوا كل فرصة للرقيّ بأرواحهم وتكامل فكرهم وأن يبادروا بأنفسهم إلى البحث عن الحقيقة في الأجواء المسمومة التي أوجدها أعداء الإسلام وأن يتعرفوا على الإسلام الأصيل من خلال دراسة مصادره الحقيقية . وفي الحقيقة فإن سماحة القائد يوقظ بذلك روح البحث عن الحقيقة لدى الشباب في تلك البلدان عبر طرح بعض الأسئلة الأساسية كي يتحققوا حول الإسلام وشخصية النبي (ص) من خلال الدراسة الدقيقة ومن دون أية أحكام مسبقة .
مستمعينا الأطايب !
يقول الدكتور حميد حيدر بناه الكاتب الصحفي وعالم الاجتماع الإيراني حول الدعوة إلى البحث عن الحقيقة و التفحص والتحقق في الرسالة التي وجهها سماحة القائد إلى الشباب في كل مكان وخاصة في أوروبا وأميركا :
يمكننا القول من حيث نوع المتلقي الذي وجّهت الرسالة إليه ، إن مخاطبة الشباب الذين يتميزون بأنماط فكرية خاصة من حيث علمٍ الشخصية ، و يتمتعون بروح البحث عن الحقيقة والتطلع إليها و كونهم بناة المستقبل من جهة أخرى ، كل ذلك يدل على ذكاء ويقظة سماحة قائد الثورة الإسلامية و كذلك نظرته الشبابية والتي اهتم من خلالها دوماً بقضاياهم في جميع المجالات. فالدعوة إلى إثارة روح التساؤل والمعرفة المباشرة للظواهر والسعي من أجل التوصل إلى الحقائق الدينية هي من الخصوصيات القيّمة في هذه الرسالة التي تترك تأثيرها على كل ضميرحيّ ويقظ .
ومن حيث النطاق الجغرافي وعلى الرغم من أن شباب شمال أمريكا واوروبا هم المخاطَبون الرئيسون في هذه الرسالة ، إلا أنها يمكن أن تشمل كل الشباب الباحث عن الحقيقة في جميع أرجاء العالم .
كما أن توجيه هذه الرسالة بشكل مباشر إلى الشباب عن طريق شبكات الإنترنت و ووسائل الإعلام الحديثة ليدلّ على اهتمام سماحته الخاص بأهمية نلك الشبكات والوسائل و دورها الفاضح للأجواء المهيمنة على النظام الإعلامي في الغرب والذي أوصل خلال السنوات الأخيرة خطاباته و الإسلامَ الحقيقي إلى مسامع المتلقين ولكن بشكل انتقائي .
ولقد أشار سماحة قائد الثورة في هذه الرسالة إلى تاريخ الغرب و التطورات التي شهدها طيلة القرون الأخيرة حيث يدل ذلك على معرفته العميقة بالتطورات التاريخية للغرب و تعريف الشباب في البلدان الغربية بقسم من هويتهم التاريخية و فضح الجهود العدائية لحكّامهم بهدف إثارة الخلافات بين الأديان و خاصة العداء ضد المسلمين .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
نكتفي بهذا القدر من مناقشة قضايا الشباب وبحثها وخاصة صفة البحث عن الحقيقة والتطلع نحوها لدى الشباب ، عبر برنامجكم نبض الحياة ، شاكرين ومقدّرين لكم كرمَ متابعتكم ، وحتى نجدّد لقاءنا بكم في المحطة القادمة من البرنامج ، نترككم في أمان الله .