أحبّتنا المستمعين الأفاضل في كلّ مكان !
سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته ، وكلّ المراحب بكم في هذا اللقاء الذي يتجدّد مع حضراتكم عبر محطّة أخري من برنامجكم نبض الحياة الذي يعني بالشباب وقضاياه ، ندعوكم لأن تكونوا برفقتنا .....
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
من المعلوم أن مرحلة الشباب هي مرحلة تشكّل شخصية الإنسان حيث تعتبر معرفة خصوصياتها والالتفات إلي عوامل تشكيل تركيبة شخصية الشاب من الحاجات الضرورية للشباب . ومن البديهي أنّ تشكّل شخصية الإنسان يبدأ من الأيام الأولي للحياة ويستمرّ حتي اللحظات الأخيرة من حياته . و تتميّز مرحلة الحداثة والشباب بخصائص روحيّة وجسميّة خاصة بها . ولذلك لايمكن إيكال مهمّة الانخراط في المجتمع و خوض العلاقات الاجتماعية للشاب والتي تؤثر دون شك في البنية الروحية والشخصية للإنسان وطبيعته ، إلي السنوات اللاحقة من عمر الإنسان .
ويجرّب الشاب من خلال شعوره بشخصيته المستقلة ، مرحلة في غاية التعقيد من حياته الإنسانية تزامناً مع حضوره في المجتمع وتكوين علاقاته الاجتماعية و إذا ما لم تقترن بداية هذه التجربة مع التعليمات والمعلومات اللازمة والموضوعية و التعقّل الكافي ، فإنها ستستتبع آفات ومخاطر قد تغيّر مسار حياته بشكل كامل لتترك تجارب مريرة .
إنّ شخصية كلّ فرد تمثّل مجموعة الخصوصيات الجسمية والفكرية والاجتماعية والأخلاقية سواء الموروثة أم الاكتسابية والتي تميّزه بشكل واضح عن الآخرين . ومن أجل دراسة شخصية فرد ما فإن علينا أن نعرف كلّاً من جوانبه الفردية أي الخصوصيات الجسمية والفكرية والعاطفية والأخلاقية وكذلك علينا تقييمه من حيث سلوكياته الاجتماعيّة و الخصوصيات الثابتة في تعامله مع الآخرين . وعلي سبيل المثال فإن الشخص المبتلي بالتكبّر والغرور يمكننا أن نشهد علامات ذلك وآثاره في كلامه وصمته وحركته وسكونه . وتؤدّي خصوصيّات الشخصية إلي اختلاف الأشخاص عن بعضهم البعض . وبعبارة أخري فإن الأشخاص يتشابهون في الكثير من خصائص شخصيّاتهم . و أما فيما يتعلّق بكيفيّة اختلاف الأفراد عن بعضهم البعض و ما هي الصفات التي يشتركون فيها ، موضوعاً يتوقّف عنده علماء النفس كثيراً .
أعزّتنا المستمعين !
وبسبب أهميّة ثبات الشخصية لدي الشباب ، فقد ورد التأكيد في الروايات علي أهمية هذه المرحلة من العمر وأفضليّتها كما اعتبر علماء النفس هذه المرحلة مرحلة ولادة الإنسان من جديد . يقول النبي (ص) :
"اغتنم شبابك قبل هرمك .... .
ففي مرحلة الشباب يزول التسرّع الطفولي تدريجياً ليحل محله نوع من الاطمئنان والهدوء والتفكير المنطقي . ويتيسّر للشاب علي إثر ذلك قبولُ أفراد المجتمع كما هم ولذلك تحلّ المعاشرة والتعاون والتعامل مع الآخرين محلّ المحاولات الفرديّة في مرحلة الحداثة .
و ينسحب عدم الاستقرار العاطفي ليحلّ محلّه السلوك المتوازن المقترن بالتفكير وأخيراً يكون بإمكان الفرد أن يكوّن تصوّراً أكثر موضوعيّة عن العالم والأشخاص . واعتباراً من هذه المرحلة يبدأ تكيّف الشاب مع المحيط باكتساب حالة أكثر اطمئناناً وتتعزّز لديه القدرة علي إدراك المفاهيم الاجتماعيّة . وفي مثل هذه الظروف ، تكون مسؤولية المجتمع حسّاسة ودقيقة ويجب أن تحظي الأنماط السلوكيّة المناسبة بالدعم من أجل الترويج للقيم المعنوية السامية ، كما يجب في نفس الوقت تشجيع الشباب علي الاتجاه إلي هذه القيم . ومن البديهي أنّ الفتيات والفتيان تتاح لهم في هذا المجال فرص جيّدة من أجل تكوين شخصيّاتهم .
وهنالك قوّتان في داخل الإنسان وهما في حالة صراع دائم وخاصة في عهد الشباب . وإحدي هاتين القوّتين تدعوه إلي السعي والجدّ فيما تستدرجه الأخري إلي الراحة والتقاعس . و الفائز منهما يخلق في الإنسان النتيجة المتناسبة معها . وتغلّب الذات المتقاعسة تؤدّي إلي خجل الإنسان و ندمه وانتصار الذات المُجِدّة يستتبع الشعور بالكبرياء والحيوية والنشاط . ذلك لأنها تضع الإنسان تحت أمر العقل و تنمّي لديه الإحساس بالقدرة علي التفكير و البحث عن الكمال . ولأنّ الشاب يتمتّع بفطرة نقيّة وأن ذاته الحقيقيّة لم تكتسب إلّا القليل من التلوّث والعلائق المادّية ، فإن مرحلة الحداثة والشباب ستكون منعطفاً في حياته وفي اكتشافاته الفكرية والعمليّة .
مستمعينا الأفاضل !
نحن معكم عبر برنامج نبض الحياة . وحديثنا يدور حول حقيقة تشكّل شخصيّة الإنسان في مرحلة الشباب ، حيث إن من الضروري الالتفات في هذا المجال إلي أن وجود بعض العقبات والموانع من شأنها أن تلعب دورها السلبي في تشكّل شخصيّة الشاب . ولذلك فإن الشاب بحاجة إلي تتوفّر فيه مجموعة من القدرات الخاصة في بلوغ شخصيّته ورشدها . فالضعف في التفكير في العواقب وعدم توظيف قوّة الإرادة والعزم من دون خلفيّة علمية ووعي ، كلّ ذلك سوف يجرّه إلي الانهزام والانحراف . وتفيد إحدي الروايات بأنّ الشخص الذي يتصرّف من دون بصيرة و ووعي هو كالشخص الذي يسير في طريق غير الذي يريده فلاتزيده سرعة السير إلّا بعداً عن هدفه .
ويلفت سماحة قائد الثورة السيّد الخامنئي ( حفظه الله ) الإنتباه إلي ضرورة معرفة خصوصيّات الشباب قائلاً :
عليّ أن أقول إن مرحلة الشباب المفعمة بالحيويّة والنشاط هي فترة تعتبر آثارها باقية وطويلة في كل حياة الإنسان رغم أنها ليست طويلة . ولأن الشاب في حالة تكوين هويّته الجديدة في مرحلة الشباب ، فإنه يميل إلي أن يُعتَرف رسمياً بشخصيته الجديدة ؛ ولك ذلك لا يحدث في الغالب ويبدو أن الآباء والأمّهات لايعترفون بالشاب في هويته وشخصيته الجديدة . ثم إن الشاب يلج عالماً جديداً لا تعرف عنه الأسرة وأفراد المجتمع شيئاً في الغالب ويبقون في حالة عدم المعرفة به ؛ ولذلك يشعر الشاب بالوحدة والغربة .
ويضيف سماحة قائد الثورة الإسلاميّة قائلاً :
تظهر أمام الشباب في هذه المرحلة قضايا جديدة تثير التساؤلات . وهو يميل إلي أن يجيب المجتمع علي هذه الشبهات والتساؤلات ؛ ولكنه لا يسمع في الكثير من المواضع الأجوبة المناسبة والشافية ؛ ولذلك نري الشاب يشعر بالفراغ والإبهام . ومن جهة أخري فإن هناك قدرات يتمتّع بها الشاب يمكنها أن تخلق المعاجز ؛ بل يمكنها اقتلاع الجبال ؛ ولكن الشاب يشعر أنه لا يستخدم هذه هذه القوي وهذه الطاقة المتراكمة ؛ ولذلك فإنه يشعر بالعبثية والإهمال . والشاب يواجه لأول مرّة في مرحلة شبابه عالماً كبيراً وهو لم يجرّب هذا العالم و بحاجة إلي الإرشاد والمساعدة الفكرية ولأنّ الآباء والأمّهات مشغولون في الغالب ، فإنهم لا يعتنون بالشاب ولاتقدّم له تلك المساعدة الفكرية . والمراكز المسؤولة في هذا المجال لاتتوتجد في كثير من الأحيان في المكان اللازم وفي موقع الحاجة ؛ ولذلك يشعر الشاب بانعدام الأمن ... ووجود هذه الأحاسيس والمشاعر يترتّب عليه مسؤوليات تقع علي عاتق الجميع ... .
إخوتنا المستمعين الأكارم !
انتظرونا في حلقتنا القادمة من برنامج نبض الحياة ، حتي ذلك الحين تقبّلوا منّا خالص الشكر والتقدير علي كرم متابعتكم ، وإلي الملتقــي .