بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الهداة الى الله.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله.
- تحية من الله مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- "عباد الرحمان" هم مستمعينا الأفاضل، الذين أثنى عليهم ربهم الأعلى تبارك وتعالى في آخر سورة الفرقان وبشرهم بأنهم أصحاب العاقبة الحسنى وورثة الجنان التي حسنت مستقراً ومقاماً.
- فما هي صفات "عباد الرحمان" التي يبلغون بها تلكم المراتب السامية فيكونون للمتقين إماماً؟
- الإجابة عن هذا السؤال، مستمعينا الأفاضل، هي مقدمة الإجتهاد للتحلي بهذه الصفات وبالتالي الإلتحاق بهذه الصفوة من أحباء الله.
- وهذا ما نتناوله في لقاء اليوم من البرنامج، تابعونا على بركة الله.
- أيها الإخوة والأخوات، بيّن الله تبارك وتعالى صفات عباد الرحمان في الآيات ٦۳ الى الآية ۷٦ من سورة الفرقان، نستنير بالآيات الخمس الأولى من هذا النص القرآني حيث يقول الله تبارك وتعالى:
"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً{٦۳} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{٦٤} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً{٦٥} إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{٦٦} وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{٦۷}
- صدق الله العلي العظيم، ونلاحظ أولاً مستمعينا الأفاضل، جميل تكريم الله عزوجل لهذه الطائفة من عباده حيث نسبهم الله تبارك وتعالى الى ذاته المقدسة وبصفة الرحمانية التي تشير الى سعة الرحمة الإلهية لكل الخلق.
- وهذه النسبة تشير الى أن عباد الرحمان يتخلقون بخلق ربهم الرحمان؛ فبركاتهم رحمانية تشمل الجميع فيتعاملون باللطف والتراحم والمداراة مع خلق الله.
- مستمعينا الأكارم، وتذكر الآية الكريمة الأولى من هذا المقطع القرآني صفتين من صفات عباد الرحمن وهما تعبران عن طريقة تعاملهم في خلق الله.
- الصفة الأولى أنهم يمشون على الأرض هونا.. والهون هو التذلل، والمراد أنهم يعيشون حياتهم الدنيا بعيشة التذلل لله عزوجل والتواضع لخلقه، فهم يخفظون لهم جناح الذل ولكن من الرحمة بهم والشفقة عليهم.
- والصفة الثانية هي ما اشتمل عليه قوله عزوجل "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" والمراد هو أنهم يتعاملون بروح الصلح والسلام حتى مع الذين يخاطبونهم بجهل، أي مع الذين يسيئون إليهم بجهالة.
- فتعاملهم مع هؤلاء أيضاً يكون على أساس اللطف والمداراة والرفق وليس على أساس الرد بالمثل ورد السيئة بالسيئة بل على أساس العفو والإحسان ورد السيئة بالحسنة والإساءة بالإحسان، وهذه من أجمل الصفات الرحمانية في التعامل مع خلق الله عزوجل.
- أيها الإخوة والأخوات، عندما يتأمل المؤمن في هاتين الصفتين من صفات عباد الرحمان، يستشعر بنفحة من حالة الوقار والسكينة التي وصف بها رسول الله صلى الله عليه وآله.
- أجل، فهم يمشون على الأرض هوناً، وهذه الحالة تكون لمن إمتاز بحالة السكينة والوقار والطمأنينة، ومن سيطرت عليه أهواء النفس يكون كمن تخطفه الطير لا يحظى بالسكينة والوقار، ولا يستطيع أن يكبح جماح النفس وفوران الغضب وغيره فيتعامل بالعفو والإحسان.
- والذي يوجد هذه الحالة من السكينة والوقار هو الإرتباط المستمر بنبع الأمن والسلام تبارك وتعالى، الذي ناجته السيدة خديجة الكبرى عليها السلام بقولها: اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام حيّنا ربنا منك بالسلام.
- من هنا نعرف مستمعينا الأطائب سر أن الآية الثانية من المقطع القرآني المتقدم ذكرت إرتباط عباد الرحمان القوي بالله عزوجل بحيث يقبلون على عبادته بشوق فيبيتون لربهم سجداً وقياماً.
- فهذا الإقبال على عبادة الله والأنس به عزوجل هو الذي يعطي عباد الرحمان حالة السكينة والوقار والطمأنينة المحمدية، وبها يتعاملون مع خلق الله بالعفو والإحسان فيرتقون بذلك الى المراتب السامية للقرب من الله تبارك وتعالى.
- نشكركم مستمعينا الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج (من هدى الثقلين).
- قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- شكراً لكم وفي أمان الله.