بسم الله والحمد لله الذي رزقنا حب صفيه المصطفى محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته.
- تحية من الله مباركة طيبة نحييكم بها في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الأفاضل، بشر الله تبارك وتعالى طائفة من الناس بأنهم يبلغون حتماً أمانيهم ويظفرون بسعادات الدنيا والآخرة؛ وهذه الطائفة هم "المؤمنون".
- وقد عرفنا في حلقات سابقة من هذا البرنامج أن الله تبارك وتعالى قد بيّن في أول سورة "المؤمنون" صفات هؤلاء المفلحين أي الذين يظفرون بالسعادات والحياة الطيبة وكل ما يأملون في الدنيا والآخرة.
- وقد هدتنا الأحاديث الشريفة التي نقلناها في الحلقات السابقة الى أن المؤمنين الذين يبلغون الفلاح حتماً هم المسلمون لأمر الله تبارك وتعالى الذي يبلغه لهم رسوله وأولياؤه المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين.
- وعندما نتأمل متدبرين في الآيات الإحدى عشرة الأولى من سورة "المؤمنون" المباركة نجد لأن الصفات التي تذكرها للمؤمنين هي أوضح الصفات التي يتجلى فيها التسليم لأمر الله عزوجل.
- ننصت خاشعين وبتدبر لتلاوة هذه الآيات الكريمة حيث يقول الله أعز القائلين:
"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{۱} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{۲} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{۳} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{٤} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{٥} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{٦} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{۷} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{۸} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{۹} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{۱۰} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{۱۱}
- صدق الله العلي العظيم، وكما تلاحظون، مستمعينا الأفاضل، فإن هذه الآيات الكريمة تبدأ بتأكيد فلاح هؤلاء المؤمنين بأبلغ ما يكون مشيرة الى تحقق فلاحهم عملاً.
- قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار الجزء (۸۱): (قد أفلح المؤمنون، قد: حرف تأكيد يثبت المتوقع ويفيد الثبات في الماضي، والفلاح: الظفر بالمراد وقيل البقاء في الخير، وأفلح دخل في الفلاح).
- ثم تذكر الآيات الكريمة المتقدمة صفات هؤلاء المؤمنين ببيان يكشف بوضوح حالة الإقبال القلبي في التزامهم بالأوامر الإلهية.
- أجل، وهذا يتضح من وصفهم بالخشوع في الصلاة وحفظها، وأداء الزكاة باندفاعة كما هو المستفاد من قوله (والذين هم للزكاة فاعلون) والفعل هنا أقوى من الأداء كما هو ثابت في علوم البلاغة.
- وكذلك الحال مع الصفات الأخرى التي سيأتي الحديث عنها في حلقات مقبلة بإذن الله من الإعراض على اللغو ورعاية العهود وغيرها.
- وهذه الحالة من الإقبال القلبي تكشف عن الإلتزام بالأوامر الإلهية مقترن عند هذا الصنف من المؤمنين بالتسليم والرضا بالأوامر الإلهية.
- وتهدينا الأحاديث النبوية الى أن الذي يبلغ بالمؤمنين الى هذه المرتبة من التسليم التمسك بعروة الولاء الحق لأئمة العترة المحمدية الطاهرة عليهم السلام لأنهم أصدق من تجلى فيهم التسليم لأمر الله عزوجل.
- فمثلاً روي في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي ضمن رواية طويلة جاء في جانب منها أن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على الإمام علي فتلا علي عليه السلام الآيات الأولى من سورة المؤمنون فقال رسول الله صلى الله عليه وآله.
- يا علي قد أفلحوا بك... أنت والله أميرهم تميرهم من علومك فيتمارون [أي يتزودون] وأنت والله دليلهم وبك يهتدون.
- أيها الإخوة والأخوات وتظهر أعلى مراتب الإيمان المؤدي الى الفلاح في استقرار أنوار الإيمان في القلب كما يبين ذلك الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في الرواية التالية المروية في كتاب الكافي مسندة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال:
- إن رسول الله – صلى الله عليه وآله – صلى بالناس الصبح فنظر الى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي [أي كان في أعلى مراتب الخشوع في صلاته] فقال له رسول الله – ص – كيف أصبحت يا فلان.
- قال الشاب: أصبحت يا رسول الله موقناً فعجب رسول الله – ص – من قوله وقال إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟
- فذكر الشاب علامة يقينه وقال: فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب للحساب وحشر الخلائق لذلك وأنا فيهم وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون وعلى الأرائك متكئون وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون وعلى الأرائك متكئون وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون.
- فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالإيمان ثم قال له الزم ما أنت عليه.
- مستمعينا الأكارم وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامج من هدى الثقلين إستمعتم لها مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في رعاية الله آمنين والحمد لله رب العالمين.