بسم الله وله خالص الحمد والثناء إذ هدانا لإتباع منارات هداه محمد سيد الأنبياء وآله الهداة الأصفياء صلوات الله عليهم كل صبح ومساء.
- السلام عليكم مستمعينا الأعزاء.
- تحية من الله مفعمة بالرحمة والبركات نهديها لكم أيها الإخوة والأخوات في مطلع لقاء اليوم مع هدايات ثقلي الهداية الإلهية: القرآن الكريم وأهل بيت سيد المرسلين.
- في هذا اللقاء لنا وقفة إستهدائية بنصوص الأحاديث الشريفة المبينة لهوية "المؤمنين" الذين بشرنا الله بأن الفلاح هو نصيبهم الحتمي وأن الظفر بالسعادات الدنيوية والأخروية هو رزقهم الخاص والمضمون؛ فمن هم هؤلاء المؤمنون؟
- نستنير أولاً بالآيات الكريمة التي تتضمن هذه البشارة القرآنية وهي الآيات الإحدى عشرة الأولى من سورة المؤمنون حيث يقول الله أعز القائلين:
"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{۱} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{۲} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{۳} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{٤} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{٥} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{٦} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{۷} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{۸} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{۹} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{۱۰} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{۱۱}
- صدق الله العلي العظيم، تلاحظون في هذا النص القرآني مستمعينا الأفاضل، أنه تضمن تعريفاً بهؤلاء المفلحين من المؤمنين بذكر صفاتهم العملية كالخشوع في الصلاة والمحافظة عليها والإعراض عن اللغو والوفاء بالعهود والإقبال على الإنفاق.
- وهذه الصفات مستمعينا الأفاضل، هي التعبير العملي عن بلوغ الإيمان بالله عزوجل في قلوب هؤلاء المؤمنين بحيث صار تسليماً لإرادته يدعوهم الى تجسيد إيمانهم بالإقبال على التحلي بهذه الصفات التي يحبها الله عزوجل.
- وهذا ما يهدينا إليه رسول الله الأعظم – صلى الله عليه وآله – في الحديث المروي في كتاب الكافي مسنداً عن الإمام محمد الباقر صلوات الله عليه قال:
- بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا السلام عليك يا رسول الله فقال عليكم السلام ما أنتم؟ فقالوا نحن مؤمنون يا رسول الله قال صلى الله عليه وآله فما حقيقة إيمانكم؟
- قالوا الرضا بقضاء الله والتفويض الى الله والتسليم لأمر الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء.
- ثم قال صلوات الله عليه: فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون.
- أيها الأحبة، ومن هذا المنطلق النبوي ينطلق مولانا الإمام محمد الباقر عليه السلام وهو يؤكد أن المفلحين من المؤمنين هم أهل التسليم لله عزوجل، كما ورد في حديث جده المصطفى صلى الله عليه وآله.
- وهذا ما جاء في حديثه لكامل التمار المروي في كتاب المحاسن وغيره حيث قال عليه السلام: يا كامل، المؤمن غريب، المؤمن غريب، اتدري ما قول الله عزوجل: قد أفلح المؤمنون؟
- قال كامل التمار: قلت: معناه قد أفلحوا وفازوا ودخلوا الجنة، فقال عليه السلام أتدري من هم؟ قلت: أنت أعلم يا بن رسول الله.
- فقال عليه السلام: قد أفلح المؤمنون المسلّمون، إن المسلّمين هم النجباء والمؤمن غريب فطوبى للغرباء.
- ومعنى التسليم هو القبول بما قضاه الله وأبلغه رسول الله وأولي الأمر من أهل بيت العصمة وإتباعه بصدر منشرح لا شك فيه ولاحرج.
- روي في كتاب بصائر الدرجات عن مولانا الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال:
- لو أن قوماً عبدوا ووحدوه ثم قالوا لشيء صنعه رسول الله – صلى الله عليه وآله - : لو صنع كذا وكذا، ووجدوا ذلك في أنفسهم كانوا بذلك مشركين.
- ثم تلا عليه السلام قوله عزوجل " فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً" ثم قال عليه السلام: هو التسليم في الأمور.
- وهذا ما يؤكده عليه السلام في المروي عنه في كتاب الكافي أنه قال: (من سره أن يستكمل الإيمان كله، فليقل: القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد صلى الله عليه وآله، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني).
- إذن فالفلاح والظفر بكامل السعادات في الدنيا والآخرة هو ثمرة الإيمان بالله والتسليم لأوامره وأوليائه وإتباعهم عليهم السلام في كل الأمور.
- وفقنا الله وإياكم مستمعينا الأفاضل لصدق التسليم والإتباع لحبيبه الهادي المختار وآله الأطهار، صلوات الله عليه آناء الليل وأطراف النهار.
- اللهم آمين، شكراً لكم مستمعينا الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من هذا البرنامج إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في أمان الله.