بسم الله والحمد لله منير قلوب الموقنين بموالاة واتباع مشارق نوره المبين محمد الهادي الأمين وآله الغر الميامين صلوات الله وتحياته وبركاته عليه وعليهم أجمعين.
- السلام عليكم إخوتنا وأخواتنا ورحمة الله وبركاته.
- تحية طيبة نحييكم بها ونحن ندعوكم لمرافقتنا في لقاء اليوم في رحاب هدى الثقلين.
- أيها الأفاضل، الموقنون هم الذين يكون القرآن لهم هدى ورحمة فيتحلون بالتقوى ولا يتبعون أهواء الذين لا يعلمون، فيكون الله وليهم وناصرهم يعينهم على إتباع الهدى وبلوغ الحياة الطيبة في أعلى مراتبها.
- هذه الحقيقة هي من معارف القرآن الكريم التي تهدينا إليها الآيات الكريمة الثامنة عشر الى العشرين من سورة الجاثية حيث يقول أصدق القائلين تبارك وتعالى:
"ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{۱۸} إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ{۱۹} هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ{۲۰}
- صدق الله العلي العظيم، والموقنون مستمعينا الأفاضل يستمعون للقرآن وهم على كامل اليقين والثقة والإطمئنان بأن كلام الله الذي يهدي للتي هي أقوم، وبهذا الإطمئنان يتأثرون به ويقبلون على العمل بآياته فتنزل عليهم رحمات الله بأكمل صورها.
- مستمعينا الأفاضل، وقد هدتنا أحاديث الثقل الثاني الى علامات التحلي باليقين ومعرفة هذه العلامات يعيننا على التحلي باليقين والفوز ببركاته والإستغناء به كما أشار لذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: كفى باليقين غنىً وبالعبادة شغلاً.
- ومن علامات اليقين أن تكون مرضاة الله هدف المؤمن في جميع حركاته وسكناته، كما يشير لذلك قول الإمام الصادق صلوات الله عليه المروي في كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي.
- من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضى الناس بسخط الله، ولا يلومهم على ما لم يؤته الله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت.
- ثم قال عليه السلام: إن الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.
- وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل فإن الإمام الصادق عليه السلام ينعش قلوب المؤمنين بهدايتهم الى أن اليقين سبب الفوز بالطمأنينة والسكينة والراحة النفسية بأجلى صورها.
- وبذلك يتضح أن المؤمن بتقوية يقينه يذوق طيب طعم الإيمان كما يشير لذلك قول الإمام علي أميرالمؤمنين عليه السلام المروي في تحف العقول: لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وإن الضار النافع هو الله عزوجل.
- واليقين هو مستمعينا الأعزاء الذي يهب المؤمن العزة الإيمانية وينعمه بآثارها فالإطمئنان بأن الله هو الضار النافع يخرج من قلب المؤمن الخشية من كل ما سواه فلا تصيبه ذلة التملق للآخرين، مروي في كتاب الوسائل عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه أوصى وصيه علي المرتضى أميرالمؤمنين، فقال:
- يا علي، إن من اليقين أن لا ترضي بسخط الله أحداً، ولا تحمد أحداً على ما آتاك، ولا تذم أحداً على ما لم يؤتك، فإن الرزق لا يجره حرص حريص ولا يصرفه كراهة كاره.
- وروي في كتاب التمحيص لإبن همام، أن أبا بصير رضوان الله عليه سأل الصادق عليه السلام: ما حد اليقين، فقال عليه السلام: ألا يخاف شيئاً.
- وهذا يعني أن اليقين يخلص المؤمن من جميع أشكال القلق والإضطراب تنشأ من الخوف منالمستقبل أو الفشل أو الفقر أو الأذى، وكل ذلك يدفعه اليقين بأن الله عزوجل هو ناصر عبده ومدبر أموره بأفضل تدبيره وملجأه في كل شدة، قال الصادق عليه السلام: إن اليقين أفضل من الإيمان، وما من شيء أعز من اليقين.
- ولذلك كان أميرالمؤمنين عليه السلام يوصي شيعته بالطلب من الله عزوجل أن يقوي روح اليقين في قلوبهم، جاء في كتاب مستدرك الوسائل أنه عليه السلام كان يقول في خطبه: أيها الناس سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية فإن أجل النعمة العافية، وخير ما دار في القلب اليقين، والمغبون من غبن دينه، والمغبوط من غبط يقينه.
- ولذلك كان الإمام علي بن الحسين عليه السلام يطيل التعقيب بعد صلاة المغرب يسأل الله اليقين.
- مستمعينا الأطائب، والى لقاء آخر من برنامج من هدى الثقلين نترككم في رعاية الله سالمين.
- ولكم خالص الشكر من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، في أمان الله.