بسم الله وله خالص الحمد والثناء إذ جعلنا من المتمسكين بالعروة الوثقى والحبل المتين، قرآنه الكتاب المبين وأهل بيت نبيه سيد المرسلين محمد الأمين صلى الله عليه وآله الطاهرين.
- السلام عليكم أعزاءنا المستمعين.
- تحية من الله طيبة مفعمة والبركات نهديها لكم أيها الإخوة والأخوات وندعوكم بها لمرافقتنا في لقاء اليوم مع هدى الثقلين.
- أيها الأطائب، مدح الله تبارك وتعالى عباده الموقنين في عديد من آي الذكر الحكيم، ففي بعضها يشير إلى أنهم الأكثر إنتفاعاً بآيات القرآن.
- فقال عز من قائل في الآية ۱۱۸ من سورة البقرة:
" وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
- صدق الله العلي العظيم، والتدبر في هذه الآية الكريمة يهدينا إلى أن الموقنين هم الذين إستقر الإيمان في قلوبهم وبلغوا به درجة من الإيقان يتنزهون معها عما يفعله الذين لا يعلمون فهم يغفلون عن العمل الصالح الذي يقتضيه الإيمان بالله ويطالبون في كل حين بآيات جديرة ثم لا يتأثرون بها ويطلبون غيرها لكي يسوغوا لأنفسهم عدم العمل بما تقتضيه الآيات التي رأوها سابقاً.
- أما الموقنون فهم الذين ينتفعون بما بينه الله لهم من الآيات فيعملون بما تهديهم إليه كل آية فيتحلون بالإستقامة في سيرهم على الصراط الإلهي المستقيم، فلا يطلبون آية جديدة قبل العمل بسابقتها من آيات الله.
- وهذا ما يبينه لنا مولانا الإمام الصادق عليه السلام من خلال ذكر المصاديق العملية لإنتفاع الموقنين بآيات الله عزوجل، كما سيأتي في النص الذي نستهدي به معاً بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
- جاء في كتاب مصباح الشريعة : قال الصادق (عليه السلام): ( اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني ومقام عجيب ، كذلك أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن عظم شأن اليقين، حين ذكر عنده أن عيسى بن مريم ( عليه السلام ) كان يمشي على الماء ، فقال – صلى الله عليه وآله - : لو زاد يقينه لمشى على الهواء.
- ثم قال الصادق عليه السلام: فدل بهذا على أن رتبة الأنبياء ( عليهم السلام ) مع جلالة محلهم من الله، كانت تتفاضل على حقيقة اليقين لا غير ، ولا نهاية بزيادة اليقين على الأبد.
- ثم قال عليه السلام: والمؤمنون أيضا متفاوتون في قوة اليقين وضعفه ، فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبري من الحول والقوة إلا بالله ، والاستقامة على أمر الله ، وعبادته ظاهرا وباطنا ، قد استوت عنده حالة العدم والوجود والزيادة والنقصان، والمدح والذم ، والعز والذل ، لأنه يرى كلها من عين واحدة.
- وبعد أن يبين مولانا الإمام الصادق عليه السلام هذه الثمار المباركة لتقوية المؤمن ليقينه بالآيات الإلهية يعيننا عليه السلام على التحلي باليقين من خلال بيان المصاديق العملية لضعف يقين الذين لا يعلمون كما ورد ذكرهم في الآية ۱۱۸ من سورة البقرة التي أنصتنا لها في بداية اللقاء، قال – عليه السلام -:
- ومن ضعف يقينه تعلق بالأسباب ، ورخص لنفسه بذلك ، واتبع العادات، وأقاويل الناس بغير حقيقة ، وسعى في أمر الدنيا وجمعها وإمساكها ، مقرا باللسان إنه لا مانع ولا معطي إلا الله ، وإن العبد لا بصيب إلا ما رزق وقسم له ، والجهد لا يزيد في الرزق ، وينكر ذلك بفعله وقلبه ، قال الله تعالى : (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون )
- ثم قال عليه السلام مبيناً جمال الله التدبير الإلهي لشؤون العباد عندما أمرهم عزوجل بالسعي السليم فقال عليه السلام: وإنما عطف الله تعالى بعباده حيث أذن لهم في الكسب والحركات في باب العيش ، ما لم يتعدوا حدوده ، ولا يتركوا فرائضه وسننه في جميع حركاتهم ، ولا يعدلوا عن محجة التوكل ، ولا يقفوا في ميدان الحرص ، فأما إذا نسوا ذلك وارتبطوا بخلاف ما حد لهم ، كانوا من الهالكين الذين ليس لهم في الحاصل إلا الدعاوي الكاذبة )
- والمراد من الدعاوي الكاذبة هو قول الذين لا يعلمون عندما يطلبون الآيات الجديدة بأنهم سيؤمنون بها ويعملون بما تدعوهم له، فإذا جاءتهم طلبوا المزيد من الآيات وغفلوا عن العمل بسابقاتها.
- وإلى لقاء آخر من هدايات الحياة الطيبة التي تستنير في برنامج من هدى الثقلين نستودعكم الله بكل خير وبركة ورحمة.
- ولكم دوماً خالص الدعوات من إخوتكم وأخواتكم في إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم في أمان الله.